كتبت: سحر الحاج
وقفت أمام المرآة تنظر لنفسها، بعد أن إرتدت فستان زفافها بلون زرقة السماء الصافية، تكسوه حبات لؤلؤ بيضاء لامعة، بدت فيه أصغر من عمرها بكثير، رفعت شعرها البني الطويل يصل إلى نهاية خاصرتها بتوكة بيضاء بشكل فيونكة، أسدلت على رأسها طرحة شفافة بلون أبيض تصل إلى أكتافها، رفضت كل المحاولات بأن ترتدي زفاف العرس الأبيض، هذا زواجها الثالث اليوم، لم تنجح زيجاتها السابقة، لن يمر على تجهيزات عُرسها أسبوع حتى يتراجع العريس عن الزواج ويبادر بالرفض، لم تفهم أين تكمن المشكلة؟ هل فيها هي أم هناك سبب آخر لهذا الرفض؟!..
تذكرت ذلك اليوم عندما جاءت أمه تطلب يدها لأبنها من أبوها.. وقفت ” كفاح” خلف باب المطبخ تستمع لحديثهم.. لم تقابل هذا الشاب ولم تراه بعد. كانت أمه ترمي بالشروط والطلبات على عاتقٍ والدها، فاضت عبراتها أسفًا على عجز والدها وعجزها في الرد عليهم، أردت فقط أن يكون لها أسرة مثل صديقاتها فضلت الهروب من نظرات الناس وحديثهم عنها، لم تحلم بفارس أحلامها الذي تنتظره أن يأتي ويتنشلها من هذا العالم، ولكنها ملت همهات النساء في الحي، وحديثهم عنها أنها فتاة بها نحس لن يتزوجها أحد بعد فشل زواجين لها، تبكي ليالٍ طويلة فوق وسادتها، ألم ينخرُ قلبها، هل يرفضونها لعلة أصابتها؟! ولكن لا أحد غير أمها وأبوها يعرف بذلك المرض الذي أصابها فجأة! كل من تقدم للزواج بها يتركها فور أن يعرف ما بها،
وافق والدها بوابل تلك الطلبات، عليه تنفيذها من أجل سعادة ابنته الوحيدة ذات الثالثة والعشرون من عمرها، من عادات العُرس عندهم في البلدة أن تحبس العروس لمدة اسبوعين، لتخرج في أبهى صورة، وتأتي النساء إلى بيتهم والقيام ببعض المهام تتوزع عليهم، قبل العرس بأسبوع يتم تجهيز عطور العروس تجتمع النساء في مظلة كبيرة ويوضع في الوسط أعواد من عود الصندل، وبعض من العطور النفيسة، ويكسرن أعواد الصندل إلى قطع صغيرة ومع كل كسرة، يطلقن زغاريد عالية ويصفقن، ويغنين بعض الأغاني الشعبية، حتى تحتضن الشمس أشعتها ويعلن الليل حلوله، تغادر نساء الحي الدار مودعات، على العودة في الصباح،
=من عادات أهل السودان في الزواج يتم تجهيز أنواع كثيرة من العطور والبخور تتعطر بها العروس بعد زواجها.
المزيد من الأخبار
سر سعادتي
تمني
تمنيتُ شخصاً ملتزماً