كتبت: هاجر حسن
“وأطعمهن من جوع وآمنهم من خوف”؛
في قلب غزة، حيث تروي الأرض قصصًا لا تُنسى وتشهد السماء على العزيمة، كان العالم يترقب لشهور هدنة تلوح في الأفق.
والآن، بعد شهور من الألم والدمار، جاء قرار وقف إطلاق النار؛ ولكنني، تتجاذبني المشاعر بين الفرح بالهدنة والسخرية من استيقاظ ضمائر بعد طول غياب، بعد أن تعذبت الأرواح وزُهقت بلا أي حراك أو استنكار!.
هل استفاقت ضمائر أعضاء مجلس الأمن؟ أم هي مجرد لعبة سياسية جديدة؟ أم أن هناك أمرًا مخفيًا لا يعلمه إلا الله؟
الشكر لا يستحقه إلا أهل غزة الشرفاء، الصامدون، المقاومون، الكرام. أولئك الذين تحملوا العذاب بكل أشكاله، الظلم والقهر والعدوان والدمار، وشهدوا هدم ديارهم وفقدان أحبائهم، وقفوا وقاوموا من أجل كرامتهم، وعزة أرضهم، ولأجل الأرض الزيتونية، ولكرامة القدس الأقصى.
هذا القرار يفرح القلب ويبكيه في آن واحد، فالأحداث المتأخرة تفقد نكهتها وفرحتها، كالفاكهة التي تفسد في الطريق قبل أن تصل إلى الفم.
فما بال خبر جاء بعد صمت طويل عن تعذيب ودمار وقتل الأبرياء من شباب وأطفال ونساء؟ هل يستحق الاحتفال؟ أم أنه يأتي بطعم المرارة والحرقة على ما مضى من شهور العذاب؟
هل يمكن لهذا الخبر أن يُنسينا روح الروح، أم يوسف الأبيضاني، أم كمال، أم كل صحفي حر استشهد وغادر وطنه، هل سيُنسينا الدرة، أم صرخات الأمهات، أم صرخات الأطفال، أم صرخة كمال؟، أم ما حدث بمستشفى الشفاء؟، وغيرها من الأحداث.
هل يمكننا الوثوق بعهود الصهاينة لنطمئن على أهل غزة من وقف إطلاق النار؟ نحن لا نعلم ما إذا كانوا سينفذون هذا القرار أم أن هناك خدعة أخرى في انتظارنا.
نحلم بغزة مليئة بالسلام والأمان، نحلم بنصر يشفي الصدور ويأخذ بالثأر ويبرد القلوب. نحلم بغزة حيث تنمو أشجار الزيتون، وترفرف الحمامات بأمان في سمائها. نحلم بضحكات الأطفال التي تملأ الأرجاء بلا خوف، وبأرض تمطر الخير لا القنابل.
ليس لنا إلا أن ندعو الله “اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”. فلندعُ في كل حين لهم، ولا نمل من التحدث عنهم، لنكن صوتًا يدعمهم وعونًا لهم.
المزيد من الأخبار
إلى فيروز نهاد حداد
الوقت لا يشفي الجراح
الاختلاف والتغيرات