الجاني

Img 20240305 Wa0082

كتب: محمدالنور عبدالله

هكذا انقضى يوم رتيب كئيب من أيام أغسطس الشاحبة، لا قديم ولا جديد، لا شيء أتسلّى به، قراءة وتليها قراءة.

لو كانت الكتب تنطق؛ لشكت بؤس هذا الوجه، الذي يطل عليها، صباحاً، مساءً، إن النهار أقصر من الليل، في كل السنوات والفصول، في هذا البلد، أهكذا يشعر المصرين؟! مثلنا! يقتلنا الضجر من طول غياهب الليل، ربما أجد على الهاتف، ما يشغل بالي، وما إن فتحت الهاتف نزلت الرسائل، كصخرة دفعت من أعلى تلة، أقلب الرسائل، لا جديد كالعادة مئات الرسائل في الماروم، حمقى ألا يفتقدون غيابي.

المقنع! رسالة من المقنع؛ يطلب مني التحري من شخصٍ يسرب رسائل الفعاليات خارج المنصة، وهناك من يأخذ هذه الفعاليات بمنحنى مختلف، ها هو قد أرسل صورة تحوي بداخلها سخرية الساخر من المنصة، اسم الصفحة هو خمائل! ولكن ما يدفعه بالاستعانة بي! أليس هو من علم بقصة حب أحمد وليلى من آيلا، يستطيع معرفة، ما لا يستطيع معرفته جان سليمان، أهو جان حقاً؟! أما أنه علم أني منذ تولّيت منصب ليدر المجموعة، لم أقم بشيء يُذكر، أما أنه يشكّ بي؟!

لما كثرة التساؤلات؟!

يامحمد أنت طلبت التسلية، وهاهي تأتيك، يبدؤ أن المقنع يعلم بما في العقول أيضاً، ولكن بصورة ما، قد كثر غرورها ذاك، وأستعن بي.

ساعتين أيها المتعجرف وسيكون اسم الجاني وبالدليل أمامك، لما ساعتين! ساعة تكفي.

هاهو يرسل أسماء الذين شاهدوا رسالة الفعالية، مرتبة بناءً على أول من شاهدها، أُرسلت في الساعةالثامنة صباحاً، أول من شاهدها هو أحمد بعد نصف ساعة من إرسالها، أما مروة فقد كانت في الساعة التاسعة تماماً، وتليها رهام في العاشرة ونصف، ثم آية في الساعة الرابعة عصراً، وأنا أخر من شاهدها في التاسعة مساءً، بمعنى أخر لو أخدنا ميعاد تحويل الصورة، كان في الثانية ظهراً، وموضح عليها أن زمن المنشور قبل خمسة وثلاثون دقيقة، أي بطرح الخمسة وثلاثون دقيقة من الثانية ظهراً، يتضح أن الزمن الفعلي لنشر المنشور هو الواحدة والنصف.

بمعنى أن دائرة الإتهام ستشمل أولئك الذين قرؤوا الرسالة قبل ميعاد نشر المنشور، بحكم أن أحمد ومروة ورهام، هم اللذين قرؤوا الرسالة قبل نشر الساخر لمنشوره، من بينكم هو الجاني؟

دعني ألبس هذا الإتهام، لكل منهم، وأتقمص كل شخصية، وأرى إلى ما قد أصل، أرمي ببصري على المنبه، قد انقضت نصف ساعة، وتبقت نظيرها.

أحمد متهور في طبعه، ولكنه متعالي، حتى لو سربها، لما أخذها بنصها؛ لأخذ مضمونها وذهب إلى أصدقائه، يهرطق معاهم، لا سيما أن الساخر، أتى بالرسالة، حتى الغبار الذي أثارها أتى به، وهذا يدفعني بالظن أن الجاني فتاة، وقد تكون رهام، أو مروة، رهام أكثرهم فطانة، تعلم أن للمقنع عيون، هذا الذي قد يغفل عنه أحمد، بمعنى لو أرادت تسريب شيء كهذا، لما أقدمت بتسريبه هكذا!

ولو كنت …قبل أن أكمل، ترأى إليّ، أنها قد سربت بطريقة غير مباشرة، بمعنى أن الجاني اشتكى في مجموعة تضم أصدقاءه من صعوبة الفعاليات، ثم قام بإرسال الرسالة بطريقة عفوية، ووجدها المبتذل، أدرت رأسي إلى المنبه تارةً، وإذ بالساعة قد انقضت.

لم أشعر أني أريد أن أكمل، كتبت تقريراً مفصلاً وضحت فيه ما أبهم، وأثبت أن مروة هي الجاني أمرت المقنع بأن يصدر قرار حل كل المجوعات، التي تضم الأعضاء السابقين الذين تم حلهم، والذين ما زالو في العضوية، وختمت تقريري بذاك.

وفي الصباح اتصلت على آية تبادلنا بعض التحايا، فسألتني عن سر هذه المكالمة؟

قلت لها بثقة أنت ذكية، لا بل داهية، لكنها قاطعتني بقول: هو مجرد عقل كاتب، لا أكثر لما لا تخبرني لما اتصلت؟

أدركت حينها أنها فهمت مغذى المكالمة؛ فقد كان الصوت يفوح منه الإرتباك، قلت كيف حال مجموعة(بنات الماروم) صمتت برهة، ولم ترد؛ فأكملت قائلاً جاءت مروة تشتكي من صعوبة  العقاب لمن لم يكتب الفعالية؛ فطالبتِها بإرسال رسالة العقاب في مجموعة الواتس، أخذتِها وأرسلتها إلى خمائل، ومعها رسالة الفعالية التي مرّ عليها يومين.

وتعلمين أن المقنع، سيعلم وسيبدأ بالتحقيق في الأمر، وكانت كل الطرق تشير إلى رهام ومروة، بحكم أنهما أول من شاهدا الرسالة، وأن أحمد لن يشكى في أمره،  ويذهب الإتهام إلى مروة، ثم ضحكتُ ساخراً وقلت أهي الغيرة؟ ولكنها أقفلت الخط.

غريب أمر النساء حقاً، تتعرف على أنثى مثلها؛ فتحبها، ثم تغار منها، وتتحول الغيرة إلى كره، وبُغض.

أهذا الذي كان يقصده فرويد حين قال: أن الكراهية ماهي إلا ودٌ قد فطن.

وعلى فراشي لاحت سحائب الإنتصار تمطر، بعد سنين عجاف، أقصى المقنع مروة، ثم بعدها آية، كيف اكتشف آمرها! لا يهم.

لم يدرك أني الجاني الحقيقة منذ البداية، بمعنى أنا صاحب صفحة خمائل، كانت نشوةِ هي  الإنتصار عليك أيها المقنع، وفي سبيل تلك النشوة، لا يهمني من أفقد ومن أكسب، أفعل ما تملي عليه نفسي؛ لإرضاء نشوة عقلي.

عن المؤلف