كتبت: عفو رمضان
عندما فتحت عينيها، وجدت الغرفة خالية من وجود ذلك الشاب، كأنها كوكب بدون قمر يضيء لياليه. ثم ارتدت ملابسها، وأخذت هاجر حقيبتها، ونزلت الدرج بينما كانت تلقي نظرة يمين ويسار. وبمجرد وصولها لباحة المنزل، وجدت أمها تحاورها، ولكنها كانت تجيب بنعم، دون أن تستمع إلى كلامها، وأثناء الحديث، كانت تفحص كل زوايا المنزل، ثم غادرت قبل انتهاء والدتها من الكلام، وخرجت من المنزل، وأغلقت الباب خلفها، وبدأت بالبحث في الحديقة ووراء الأشجار، ولكنها لم تجده ثم جلست على المقعد الوحيد بالحديقة بيأس تتزكره حينما كان جالسا عليه، وكانت هي تلعب مع الحمام، ثم وصلت الحافلة بعد لحظات قليلة. عندما نظرت إليها، تذكرت الحادثة التي حدثت وكيف أُنْقِذَت من قبل الشاب. قررت ترك الحافلة والذهاب إلى المدرسة سيرًا على الأقدام. فكانت ممسكة بحقيبتها بيديها الاثنتين من أكتافها، وكانت تسير وهي تدحرج الحصى على الأرض حتى وصلت المدرسة متأخرة بعد انتهاء صف الصباح، فصعدت السلم حينها قابلت بهجاء، ولكنها لم ترها فمن كانت تقف بجوار بهجاء نظرت إلى بهجاء بندهاش وقالت لها: أنها لم تراكي حتى، وأخذت تضحك لتغيظ بهجاء.
فأسرعت بهجاء نحو هاجر، ثم أمسكت هاجر من كتفها، ووجهتها إليها، وقالت بهدوء “هاجر، متى ستستمرين في هذه الوقاحة؟ يجب أن تعطيني اهتمامًا عند رؤيتك لي”.
فقالت هاجر: لماذا يجب عليّ فعل كل ما تأمرينني به؟ أنا لا أحترمك، بل أشفق عليك فقط.
فتفاجأت بهجاء بكلام هاجر، فقالت أنت تشقين علي أنا، فأنا من سيجعل المدرسة كلها تشفق عليك، ثم رفعت يدها لتضربها على وجه، ولكن هاجر مسكت يديها، فقالت بهجاء وكانت شفتاها ترتعش حقدا عليها: أنت بهذا تعديت حدودك، وأشارت إلى الفتيات اتبعها أن يمسكوا بهاجر وبالفعل أمسكوا بها جيدا حتى لا تستطيع الحراك، فوضعت بهجاء يدها على شعر هاجر، ورتبته وضعته خلف أذنيها، ولامست وجهاً هاجر بأصبعها، حتى أمسكت بوجه هاجر بقوة، وقربت أذنيها إلى فمها، وقالت بهجاء لهاجر بصوت خافت أتدري يعجبني قميصك فهو مناسب كي أوضعه على مقعدي قبل جلوسي كي لا تتسخ ملابسي من الأتربة، وسأفتح قميصك زراً زراً، واخلعه عنك لأخذه، ثم دفعت وجهها بقوة، ونظرت إلى الفتيات الممسكات بهاجر، وأشارت إليهم أنهم يتجهون بها إلى غرفة التدبير المنزلي؛ حيث إنها خالية تماما في ذلك الوقت وبالفعل ذهبوا داخل الغرفة، ثم قالت بهجاء لهاجر يا ترى ما الذي أسفل تلك القميص أتدرون يا فتيات المدرسة كلها سترى ما هو أسفل ذلك القميص اليوم، ثم وجهت يديها إلى قميص هاجر، وفتحت أول زر فيه، فقالت هاجر مترجية بهجاء: ارجوكي لا تفعلي هذا اتركيني وأنا سأفعل أي شيء تريدينه.
وعند سماع بهجاء لكلام هاجر فقالت لها: أتدري من يسمعك الآن لا يصدق ما سمعه منك من لحظات، فاتت إذا ما الذي أفعله عوضا عن ما كنت أفعله الآن؟ أتدري يا هاجر، لقد أتيت المدرسة، دون أن أنظف حذائي، ثم نظرت إلى الفتيات، وأشارت أن يتركوا هاجر وبالفعل ألقوا بها على الأرض، وبعدها رشت بهجاء بعض الماء على الأرض وقالت لهاجر: بملابسك يا هاجر نظفي حزائي بتلك الماء، واياكي لو ما نظف، فنظرت هاجر للماء وقالت: ولكن لما أصبح متسخة فكيف أنظف بيها وقالت هذا، وهي تنتحب.
فقالت بهجاء: تلك هي مشكلتك لماذا أفكر لك في حلول.
بللت هاجر قميصها من تلك الماء، فاتسخ ووضعته على حزاء بهجاء، فتسخ بتبعية له، فدفعتها بهجاء بقدمها قائلة: قلت لك نظفيه فهل هكذا النظافة، ثم أمسكت شعر هاجر بإحدى يديها والأخرى رفعتها لأعلى كي تصفعها حينها استسلمت هاجر، وأغمضت عينها، وكان جسدها يهتز بقوة مع نبضات قلبها من شدة بكائها، وقبل أن ينزل كف بهجاء على وجه هاجر أمسكه ذلك الشاب بقوة، وقال من اليوم من يتعرض إلى هاجر، فقد تعرض لي أنا أتفهمون معنى كلامي، ونظر نظرة مرعبة للفتيات، فارتعبوا وانصرفوا ثم أمسك بيد هاجر، وأوقفها برفق، وهو يضمها ونظر إلى بهجاء بغضب شديد لدرجة أن رأسه كانت ترتعش من شدة الغضب وقال لها: لماذا ما زلت هنا إلى الآن، ثم قال بصوت علي قوي يدوي المكان انصرفي، فرجفت بهجاء وخرجت بسرعة من الغرفة، وأغلق الشاب الباب برجله، ثم نظر إلى هاجر، فكانت ترتجف فأزال عنها حقيبتها، ثم خلع سترته وألبسها لهاجر، وكانت لتلك الستري غطاء للرأس، فشد ذلك الغطاء على رأسها، ورتب شعرها ومسح دمعها، ثم حمل حقيبتها، واحتضنها بقوة فقالت هاجر: بحثت عنك في كل مكان لم أجدك وناديتك من داخلي حينما شعرت برعب فلماذا تأخرت.
فقال الشاب: كنت أحاول تجاهل الأمر، فقلت لي أن لا أتدخل في حياتك فأنا آسف لتأخري، وبدأ من تلك اللحظة أنا لم، ولن أتأخر عليك أبداً فهذا وعد، ثم نظر إليها، وأكمل كلامه قائلا سأذهب بك إلى مكان جميل ستحبينه أغمضي عينيك، وأغمضت عينيها ثم فتحتها لتجد نفسها أمام شاطئ الإسكندرية، فنظرت هاجر للشاب وقالت: ما اسمك؟
فضحك الشاب، وقال توقعت أنك ستسألين كيف ذهبنا إلى هنا، فقالت هاجر لا لم أسأل هذا السؤال، فأنت من عالم سحري، فيجب أن يكون لك قدرات مميزة، فقال الشاب: ليس لدي اسم؛ لأنك لم تذكري اسمي عندما تمنيتينني، ولم تقرري اسماً لي حتى الآن. فجأة، شاهدت هاجر دراجة تسير بسرعة وشعرت بالخوف، فانحنت باتجاه الشاب، ولمست عنقه بدون قصد، ثم نظرت إلى عنقه وقالت: “سأطلق عليك اسم وتين”. فأنت وتين من اليوم، فما رأيك؟ تقول هذا، وهي تركز نظرها إلى عينيه، وكان هذا ما يفعله أيضا
وهنا نتوقف اليوم وانتظرونا في الغد
المزيد من الأخبار
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات
وتفاقمت المسافات