15 أكتوبر، 2024

مشهد مُقتبس من حياتي

Img 20240225 Wa0221

 

كَتبت: كَارِي الغَزَالِي. 

 

الآن أصبَحتُ فتاةٌ عشرينية، ولكن لستُ مُعترفة بِعُمرها، فَأي عُمرٌ يُعترف بِهِ وأنا لم أعش العشرون عامًا مِن عُمري، وعلىٰ قيد الحياة بالإسم فقط! طفولتي قد سُرقت، وشبابي قد نُهبَ، لم أعد أعلم مَن أنا؟ هل أنا الطفلة التي توّد أن تعش طفولتها؟ أم أنا الفتاةُ التي تشتاق إلىٰ شبابِها، أم أنا العجوز التي تتآكل مِن القهرة على روحٌ قد قاموا بدفنِها؛ وتركوا فقط جسدٌ لِكهلّ علىٰ قيد إنتظار الموت!

أعوامي قد مَرت ويبدو أنني قاربتُ علىٰ الرحيل، ويزيد القهر كلما تذكرت أنني أتيت وسوف أرحل بدون فِعل شيء! لا سعادة ولا إنجازاتٌ تُذكر، ولا أهلٌ ولا أحباب سوف يحزنون لرحيلي، ويبدو أنَ رحيلي سيكون بدون شيء، هذا أبدًا ليس بتدخل في عِلم الغيب، ولكن بدون روحٌ وبدون إناسٍ وبدون ذِكريات فَما الباقي؟ قد كَثرت همومي وأنا بعُمر المَرح، ويبدو أنَ بَعد كل ما مَريت بِهِ، قد حان الوقت، ولكن أريد أن أبوح بِما أكنه بداخلي، لعله يكون أخر ما أكتب..

لم أمتلك سوى غرفتي التي تسودها الفوضى، وفِراشي الغير مُرتبًا، وأشيائي التي تُشبه حياتي بضجتها وبعثرتها، قرأتُ مرةً أن الغرفة تُعبر عن حياة مَن يمتلكها، أقسم أنَ الغرفة بكل ما يِها مِن عيوبٍ لا تُقارن بحياتي وما بِها مِن حُزنٍ وهمومٍ، صغيرة العُمر ولكن، عجوزٌ تتمنىٰ الموت لكي يرحمها مِن أمراضِها، الآن أنا جالسةٌ علىٰ فِراشي في غرفتي وبين كُتبي وسماعة الأذن الخاصة بي مع هاتفي رفيقي الوحيد، أحادث مَن أرسلهم الله لي لكي يكونوا الجزء الجميل بين كُل هذا الظلام، ومشروبي الذي يُضيف بعض الهلات لوجهي الشاحب المتواجد في جسدي الهزيل، ويكفي.. يكفي ذلك فَالبشر لم يأتي مِنهم سوى الخذلان وتعدد الآلام، وكأنني خُلقتُ لهما، أعلم أنَ همومي لا تُقارن بآلام الأنبياء بشيء، ولكني أنا العبد الضعيفُ يا ربِ وقد كسروني عِبادك، وبعد كل ما فُعِلَ بِي أصبَحتُ أنا الجانية، أنا المُهملة مَن أهمَلت صحتها وشكلها، وهُم الملائكة الأبرياء، لم يحرموني مِن أيامي، ولم يخذلوني مِن قبل!

مِن يوم ولادتي إلىٰ الآن، لم أجد مَن يُجيد إحتوائي، ولا مَن يَدعمني، بل وجَدتُ مَن قامَ بكسر خاطري، ومَن حاربَ طموحي بلا سبب، والآن يقومون بتمثيل دور الضحايا وأصبحوا هم مَن تحملوني كُل ذلك بحزني وكآبَتي، ومَن السبب في ذلك؟ سؤالًا أقم بتوجيههُ إلىٰ نفسي كُل يوم.

عن المؤلف