5 ديسمبر، 2024

غزة، قصة قناع لا يخفي الدموع

Img 20240225 Wa0149

 

كتبت: هاجر حسن 

يا صاحبي، حياتُنا أوجهٌ لأقنعةٍ متعددةٍ متجددةٍ كضوء الشمس، نتقلب بين قناع السعادة وقناع الحزن، قناع الطمأنينة وقناع الخوف، فنجدُ قناعًا لوجهٍ يبعث في النفس السرور كالنجوم اللامعة في ظلمة الليل، ونجد قناعًا آخر، لوجهٍ يبعث في النفس البكاء، كطائرٍ قد كُسر أحد جناحيه.

هكذا يا صاحبي، يتقلب المرء في دُنياه كل يومٍ بين قناعٍ وآخر؛ كل يومٍ هو في شأنٍ بشعورٍ ووجهٍ متقلبٍ، كتقلب النهار والليل، تارةً تبهجه الحياة، فيكون مسرورًا بنسائمٍ طيبةٍ من الفرح، وتارةً تحزنه دنياه، فيكون أسيرًا لعاصفةٍ قاسيةٍ من الحزن.

لكن الأمر في غزة والأرض الزيتونية مختلف، فأُناس غزة لا يملكون غير قناعٍ واحدٍ، ممزوجٍ بألوان الصراخ والألم. تعصف بهم الحياة من حزنٍ، آلامٍ، موتٍ، دمارٍ، إلى جراحٍ لن يشفوا منها قط. فتبعث بقلوبهم حزنًا لا يمضي كنهرٍ يابسٍ من المياه قد جف، ومهما حاولوا ارتداء قناع البسمة البسيطة والرضا، سريعًا ما يسقط القناع مضطربًا من شدة الصرخة المكتومة في القلب.

يا صاحبي، أقنعة أُناس غزة قد تراها من بعيد كقمرٍ مضيءٍ في ظلامٍ دامسٍ من روعة وصفاء قلوبهم، ولكنك إذا اقتربت وتمعنت النظر، تصدم من رؤيتك لوجوههم، قناعها باكٍ يصرخ من هول الألم. وجهٌ لقناعٍ واحدٍ ألمٌ وبكاءٌ وصراخٌ صوته لا ينقطع، ترى حزنهم متدفقًا كماء غيث رمادي، تدفقه لا ينتهي قط.

هي الحياة يا صاحبي، لكلٍ منا نصيبٌ من الأقنعة المتقلبة، فكان نصيب أهل أرض الزيتون الطيبة قناع الحزن العاصف بقلوبهم لأسرها في سجن الخوف. ولكن إياك واليأس، اطمئن، خلق الله الحياة عادلةً متقلبةً، مهما طال الحزن، سيأتي يومٌ ترفرف قلوبهم فيه بأقنعةٍ من السعادة، حتى وإن كان بها شيءٌ مخفي من آلام الفقد والحزن.

عن المؤلف