15 أكتوبر، 2024

العنوسة

Img 20240224 Wa0003

كتبت: نادين محمد

  العنوسة: مصطلح يشير إلى المرأة غير المتزوجة التي يكون عمرها قد تعدى ما يعتبر النطاق العمري الأمثل للزواج بالنسبة للنساء.

 

تاريخيًا استخدم المصطلح في الأصل للإشارة إلى النساء العاملات في مهنة غزل النسيج.

 

يختلف هذا العمر من مكان لآخر، فحين ترى بعض المجتمعات البدوية وأهالي القرى أن كل فتى وفتاة تجاوزوا عمر العشرين، ولم يسبق لهم الزواج يطلق عليهم لقب عانس. 

 

وعلى الرغم من أن العنوسة هي لفظ أطلق على الجنسين ذكورا وإناثًا، إلا أن ثقافة مجتمعاتنا العربية تركز على عنوسة المرأة أكثر من عنوسة الرجل باعتباره واقعًا مفروضًا على النساء، وليس باختيارهن في كثير من الحالات.

 

 وأيضًا لارتباطه بسن الإنجاب لديهن، بينما في حالة الرجال فهو على الغالب باختيارهم وإن كانت الظروف الاجتماعية والاقتصادية في كثير من الأحيان تعيق قدرة الشباب، وتجبرهم على تأجيل قرار الزواج.

 

ومن أهم أسباب هذه الظاهرة:

أولًا: العادات والتقاليد: فلكل مجتمع عاداته وتقاليده السائدة فيه، وهذه العادات والتقاليد منها الصالح النافع، ومنها الطالح الضار، ومن العادات الخاطئة، والتقاليد ما يأتي:

 

 ١) المغالاة في المهور، والتباهي فيها: وهذا سبب رئيسي في هذه المشكلة، وعائق كبير يحول دون زواج كثير من الفتيان. 

 

٢) اشتراط القبيلة، وجعلها عائقاً أمام الشباب: فبعض الناس يشترطون في الرجل الذي يرغب في الزواج منهم أن يكون من قبيلة فلان، ويشددون في هذا الأمر دون مراعاة لإيمانه وورعه وأخلاقه، وهو ما أدى إلى كثرة الفتيات وازدياد العوانس.

 

٣) التزام الترتيب بين الفتيات في الزواج: فبعض الأسر لديهم طقوس معينة في تزويج بناتهم، فتجدهم لا يزوجون البنت الصغرى قبل الكبرى مهما كانت الظروف، ففي أحيان كثيرة نجد أن بعض الفتيات يتقدم لهن أكثر من خاطب في أوقات متفرقة، فيُرَدُّون بحجة أن الفتاة الكبرى لم تتزوج بعد، وهكذا يستمر هذا المسلسل حتى يصل الفتيات في البيت جميعًا إلى مرحلة العُنُوسة.

 

ثانيًا: الآباء والأمهات: ويتمثل ذلك في الآتي:

 

١) جشع بعض الآباء: فمن الآباء من يصد الخطَّاب عن ابنته؛ لأنها موظفة تدرُّ عليه دخلاً شهريًا، ومنهم من إذا رأى في ابنته جانبًا من الجمال والأدب؛ دفع عنها الخطَّاب على أمل أن يتقدم لها أصحاب جاه أو ثروة، فيساومه عليها، وهذا الصنف وإن كان قليلًاةفي المجتمع إلا أنه موجود.

 

٢) الشروط التعجيزية التي يفرضها والد الفتاة على الزوج: وهو ما يدفعه إلى العدول عن الزواج بابنتهما.

 

٣)كثرة المشاكل بين الوالدين؛ فتنشأ الفتاة ولديها عقدة عن الزواج، فترفض الإقدام عليه خوفًا من الوقوع في المشاكل ذاتها.

 

ثالثًا: أسباب اجتماعية ومنها: 

١) كثرة البطالة وعدم توفر فرص عمل.

 

٢) العجز عن شراء أو تأسيس سكن للزوجية.

 

٣) غلاء الأسعار الذي ينتج عنه غلاء المهور وبالتالي عزوف الكثير من الشباب عن الزواج. 

 

علاج ما يأتي:

 

أولاً: تخفيف المهور وتسهيلها، والبعد عن المغالاة فيها: فقد حث الإسلام على ذلك.

 

 قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: «ألا لا تغالوا صدقة النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها نبي الله، ما علمت رسول الله نكح شيئاً من نسائه، ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية».

 

وزاد ابن ماجة: ((وإن الرجل ليثقل صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه)). وحث على تذليل العقبات أمام الشباب. 

 

ثانيًا: أن يبادر الشباب إلى الزواج: فقد حث الإسلام كل شباب قادر على مؤنة النكاح (المهر والنفقة) على المبادرة إلى ذلك.

 

فقال – تعالى -: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِـحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ إن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النور: ٢٣] 

 

ثالثًا: أن لا تجعل الفتيات الدراسة عائقاً لهن عن الزواج: فإن الزواج بالنسبة للفتاة أهم من الدراسة؛ لأن قطار الزواج يفوت بخلاف الدراسة فمجالها واسع، وقد ندمتْ كثير من الفتيات على زمان مضى رفضن فيه الزواج، وقدَّمن الدراسة عليه.

 

رابعًا: العمل على حل أزمة المساكن، وضيق فرص العمل: وذلك من خلال إيجاد فرص العمل المباحة، وتنمية مهارات وقدرات الشباب.

 

وهذا واجب من واجبات الدول والحكومات، وينبغي للمؤسسات والجمعيات الخيرية أن تساهم في ذلك، وأن تقيم المشاريع الخيرية التي تسهم في زواج الشباب، وتخفف من معاناة الشباب.

عن المؤلف