لغة الرحمة

Img 20240222 Wa0158

كتبت: إسراء سلطان 

ثياب ممزقة ورائحة كريهة، وعينان حائرتان تبحث عن شئ ما وسط الجموع؛ وكأنها تحدثهم بلغة الصمت التي لن يفهمها سوا القليل، او لغة الرحمة التي كادت تنعدم، حركة غريبة توحي بالكثير، عينان يتحركان يمينا ويسارا باستمرار، ولسان يردد الكثير من الأشياء، ما معنى ذلك؟!، وما الذي يدفعني نحوه الأهتمام ام الفضول؟، حقا لا أعلم.

اقتربت من ذلك الشئ الصغير، حتى تيقن اني أقصده هو، ثم وجدت بعض الراحة تحتل ملامحة؛ وقال لي: أأنت الذي ابحث عنه؟، تعجبت السؤال وقولت له: عن ماذا تبحث؟.

فرد علي: ابحث عن اب، او ام، او أخ، او اي شخص يحبني دون سبب، ودون صلة دم.

تعجبت كثيرا من ذلك الرد، لم يأتي في اعتقادي بأنه يتيم مشرد جاءت عليه الدنيا، ولم ترحم قلبه الصغير.

يا لحماقتي! الكثير من الشهادات، وأب لأربع أولاد، وبلغ الشيب رأسي، ولم أفهم حال الصغير بعد.

فنظرت له بوجع وحب معا، وكان ينتظر إجابة مني، وكان ردي عليه سيعيد له الحياة، يا لقسوة الدنيا يا ربي!.

فقولت دون تفكير ودون تردد: نعم يا صغيري انا ذلك الأب الذي يبحث عنك أيضا، اجوب الشوارع بحثا عنك كما كنت تبحث عني، واجتمع الآن قلبينا كما اجتمع يعقوب بولده يوسف، فمسكت يديه الصغيرة برفق واكملت كلامي: سنذهب إلى البيت، فهناك أربع أخوات في انتظارك، وأم تشتاق إليك.

فقال لي فرحا: دعوت كثيرا وكنت اعلم بأنك قادم، ولكن لماذا تبكي يا أبي؟

– من فرحتي بك يا بني.

* كم مزقت الطرقات بعض القلوب، وكم قست عليها ليس ببرودتها، ولا صعوبتها، ولكن بعدم رحمتها على البعض؛ وكأنها تجرد الجميع من ثيابهم وروحهم، وتطلق عليهم مشردون.

 

عن المؤلف