ليتها لي

Img 20240108 Wa0321

كتب: محمد النور عبدالله 

 

على أزقة الجدران وبين ثنايا الكُتب حيث تقبع الذكريات، هانذا عدت أجر أذيال التعب، أسندت رأسي على الوسادة ولذتُ لبرهة أقلب الأنظار نحو سقف الغرفة قبل أن أرفع الراية البيضاء، لأُعلن استسلام للنوم، لا شيء قد يزيح عن المرء بؤس يومه سوء ساعةٍ يقضيها بين حضن فراشه، كموج يرتطم حافة الرمال بفعل الرياح، يضرب جفني الأعلى جفني الأسفل، إلى أن استسلمت لنومٍ طويل، على حين غرةٍ، أتت تمشي بحياء، يفوح من حديثها العفة، نظرت إلي كأن الشمس والقمر والمجراة وقعت أمامي، بحول ما رأت عيناي، خلتُ أن الإله لم يخلق من بعدها جمال، ثم لاح في خاطري قول الشاعر:

يا من له الوجه الجميل إذا بدا فاقت محاسنُه البدورَ كمالاَ والمنتقى من جوهر الفخر الذي فاق

الخلائف عزةً وجمالا ما أبصرت عيناي مثل هديةٍ أبدت لنا صنع الإله تعالى فيها من التفاح كلُّ عجيبةٍ تذكي بريَّاها صَباً وشَمالا تُهدي لنا نهدّ الحبيب وخدّهُ وتُري من الورد الجنيِّ مثالا وبها من الأَترجِّ شمسٌ أطلعت.

 

خطوت إليها بضع خطواتٍ أحسست حينها كأننا مخلوقان نُسج من نفس الصلصال، حين أُذن للأرواح أن تنزل إلى الأرض، لنلتقي على أرضٍ عجفاء، لتحيا بحبنا الذي سيثمر بين ربوعها، هاهي  أمامي مُحملة بمشاعر الحب والتوهان، مددت إليّ يديها، كأنها تقول هيا سيدي خُذني معاك، خُذني إلى الأثير حيث ميلاد عشقنا.

بين خبايا هذا العالم غدت تشكو إليّ وحسنها يأسرني، قصدتُ والدها أحدثه، أنه وبمباركة الله تم عقد قراني بها والملائكة تشهد على عرسنا، إلا أن حُبيبات من الرمال عكرت صفو استنشاقي، لتعلن عودة البؤس مرة أخرى، لأصحو ولا شيء أمامي ولا خلفي سوء الظُلمة، أ كان حلم؟! حينها تمنيت أن أنام وألا استيقظ أبدًا، أن أكون لها،  ألا تسلبني إيها مُر اللحظات.

 

أنا المنسي بين واقع مغتصب الإرادة ووطن مسلوب الأمن، أعيدوني إلى سيدتي لعلي أعرف اسمها وأبحث عنها بين العوالم والدول.

عن المؤلف