كتبت: رحمة مُحمد عبداللّٰه
أدون بِضع مِن مُلاحظاتي الغير هامة لأبي وأمي الذين لا يدركون أنهُ أصبحَ لديهم طفل؛ ولكن مَن يُبالي لقد قديتُ طفولتي بأسرهَا بجانب العجوز “مُنى” أجل هي جدتي، لكنني مُنذ الصغر القبهَا بالعجوز كفكهة بيني وبينهَا؛ لأعرفكم بنفسي أنا “هِشام” عُمري الآن خمسة وعشرون عامًا، كُنت أدرس بجامعة القاهرة، في تلك الأعوام جميعهَا لم تُحسسني العجوز أنني أفتقد والداي بل؛ لانهَا ظلت بجانبي طوال اعوامي الماضية؛ لأن أبي وأمي ليس لديهم بِضع من الوقت لتقديتهُ بجانبي، ظلو طوال تلك السنوات بخارج البلاد، لم يكُن لدي إخوة، كُنت أنا الوحيد وحقًا هذا جيد؛ حتىٰ لا يكون هناك طفل آخر يُعاني مثلي، العجوز كانت ليّ كُل شيء، أحينًا كُنت أراهَا غامضة بعض الأحيان أو أن هناك سر يجعلهَا دائمًا شاردة حزينة، وبعض الأحيان أثناء شرودهَا كُنت أرىٰ الدموع تتسلل مِن جفونهَا دون ان تنبس لها؛ لكنهَا كانت دائمًا تقول لا شيء: يا صغيري، ها أنا الآن في القطار مُتجه إلى تلك العجوز؛ لأنهَا تسكُن ب “القاهرة” بينما أنا لدي شقةٌ بسوهاج؛ لأن عملي هُناك، وأنا أتىٰ إليهَا عندما أخذ عطلة مِن العمل، أقضي معهَا وقت العطلةولحظة لقد أوشك القطار علىٰ الوصول إلىٰ ارض الوطن “القاهرة” وها لقد وقف القِطار حملتُ حقيبتي مُسرعًا لهَا اشتقتُ لهَا بكثرة، اوقفتُ السيارة واعطيتُ لسائق العنوانُ، لم يأخذ وقتً طويلً سوى نصف المُدة وكنتُ أمام منزلهَا، هي تسكن دائمًا تُحب العيش فِي الأماكن الهادئة، وسط الاشجار، والحدائق، دلفتُ داخل حديقة البيت ثم قمتُ بإزاحة بوابة البيت بيداي؛ حتىٰ رأيتهَا من بعيد كما تركتهَا كعادة جالسة على كُورسيهَا الهزاز حول الأزهار، دائمًا عند حضوري؛ لمنزلهَا أشعر بسكينه، والراحة بهدواء المكان هُنا، لقد رأتني وابتسمت بإشتياق ليّ، تركتُ الحقيبة من يداي ثم ركدتُ نحوهَا أعانقهَا من اشتياقي لهَا.
” مُنىٰ” ببكاء سعادة:-
أشتقتُ لك يا عزيزي، لِما لم تخبرني بمجياك حتىٰ استقبلكَ؟
” هِشام” نظرتُ لهَا بحب ثم تحدثتُ بمرح قليلاً، وأنا أخذهَا تحت ذراعي؛ لأنهَا اقصر مِني طولً:-
كُنتُ أريد مُفجائتكِ يا عجوز.
“مُنى”قامت بضربيّ ضربة خفيفة علىٰ صادريّ قائلة:-
ألم تكتفي بمُنادتي بذاك الاسم يا مُشاكس أنت، الآن صِرة عِجلً كبيرًا ولم تكتفي بالمزح قط.
وصارت أصوات الضحِك تتعالى، وتتعالى بيننا؛ حتىٰ المساء في العشاء، كُنتُ أجلس في صمت، حتىٰ قاطعتني راحة طهي العجوز الذي اشتقتُ لطعامهَا كثيرًا
” هِشام” حملتُ الأطباق منهَا وتحدثتُ:-
يا اللّٰه، علىٰ تلك الراحة التي زادتني جوعًا اكثر مما كُنت عليهُ.
“منىٰ” ابتسمة ليّ:-
ألف هناء يا عزيزي، اخبرني كيف حال والديكَ؟
نظرتُ لهَا ثم اعادتُ النظر لصحني واكملتُ بحزن:-
كعادة يُهاتفني اتصال مِنهُما كُل شهرٍ، حتىٰ يتطمئنان على حاليّ، واكذب وأقول لهما أنا بخير.
مُنى:-
لا تحزن يا صغيري، أنت الآن جئتني، لا تدع الحُزن يقضي علىٰ عُطلتكَ السعيدة.
“هِشام” بمرح:-
أجل معكِ حق يا عجوز
“منىٰ” ابتسمت:-
هذا هو صغيري المُشاكس، أكمل طعامك هيا؛ لتذهب تسترح مِن مشقة الطريق.
ثم انهينا الطعام، وصعدتُ إلى الطابق الأعلى؛ لأذهب إلىٰ
غُرفتي، ثم تذكرتُ أنني لم أعطي جدتي تلك الهدية التي احضرتهَا لهَا؛ لعامهَا الجديد، نهضتُ مِن فراشي، وقمتُ بفتح الخزانة واحضرت ذاك العلبة الملفوفة باللون الأحمر، وذهبتُ نحو غرفتهَا، هي لا تبتعد عن غرفتي بكثيرًا، كان باب الغرفة مفتوحً قمتُ بدلف؛ حتى رايتهَا تجلس على فراشهَا وامامهَا صندوق خشبي متوسط الحجم، وبيدهَا صورة كانت تنظر لهَا وعينهَا تغرغر دموعًا، وسرعان مَا رأتني وضعة الصورة بالصندوق، وحاولت خفي قطرات الماء .
هشام:-هل أنتِ بخير؟
نظرة لهُ مُحركة راسهَا:-
ـ أجل يا عزيزي، أنا بخير.
تحدثتُ بمزح؛ لأخرجهَا مِن ذاك المزاج:-
ـ أوه يبدو أنكِ تذكرتي جدي، أليس صحيح يا جوليت؟
تنهدت ثم قالت ليّ مُغيرة الحديث:-
لِما لم تخلد لنوم، الم تكن مُرهق مِن الطريق؟
ابتسمتُ:-
-أجل؛ لكن هُناك أمر هام للغاية أيقذني.
تحدثت ليّ مازحة:-
-ومَا هو ذاك الأمر الهام إلىٰ هذه الدرجة يا صغيري؟
قبلتُ يدهَا، وتحدثتُ:-
-مولدكِ، لقد اصبحنا في مُنتصف الليل، وأنا أعلم جيدًا أنكي دائمًا لا تتذكرين.
وضعة يدهَا علىٰ جبهتهَا وقالت:-
-اوه حقًا لقد كُنتُ لا أتذكر، شكرًا لكَ يا صغيري على تلك الهدية، طوال تلك السنوات لم تنسني أبدًا.
نظرة لهَا:-
-كيف أنساكِ يا جدتي، أنني أحبك للغاية.
ابتسمت، ثم قبلتني مِن وجنتي اليسرى:-
-وأنا أيضًا يا صغيري، هيا أذهب؛ لتستريح مِن مشقة السفر، لنتحدث في الصباح.
قمتُ بخروج، وقبل غلق الباب نظرتُ لهَا:-
-عمتي مساءً يا عجوز.
وفي مكان أخر كانت “مطار القاهرة الدولي” تقف فتاة في التاسعة عشر مِن عُمرهَا، تملك لؤلؤة زرقاء بمقلتهَا، وتضع قبعة علىٰ راسهَا، تحدثت بسعادة
ميان:-
حقًا سعيدة للغاية يا جدي، أنك قومت بإصطحابي معاك لمِصر.
الجد:-
يا إلهي يا ميان اتعلمين كم مر مِن السنوات وأنا خارج البلاد، حقًا لقد اشتقتُ؛ لارض الوطن
ميان ذهبت لتقف بجوارهُ وتحدثت:-
إلىٰ أين يا جدي سوف نذهب الآن؟
ابتسم وقال:-
سوف اخذك نتناول الغداء، ثم نذهب إلىٰ الفندق نستريح قليلاً، وغدًا سوف نذهب لتري معالم مِصر.
ابتسمت بسعادة، وعانقتهُ، ثم قامو بركوب السيارة والذهاب فورًا.
حدثتُ صديقي الذي يمكث بالقاهرة أنني اتيتُ أمس، وسوف أذهب إليه نتنزه قليلاً، دلفتُ للأسف اتناول الافطار، واخبرتُ جدتي انني سوف أذهب لصديقي، وبعد ساعة مِن الزمن كُنت واقفًا أمام عُمر صديقي اخذني؛ لنذهب نجلس في مقهى لنتساير بعض الوقت؛ لأنني اشتقتُ لحديثي معه للغاية.
“في مقهىٰ بأكتوبر”
عُمر:-
كيف حالك يا صديقي في الحياة؟
ابتسمتُ، ثم قمتُ برشف بِضع مِن القهوة:-
احمد اللّٰه يا عمر، كما تعلم أنا اتيتُ بعطلة؛ لأجلس مع جدتي، واستجم قليلاً الآن دعك مني، اخبرني أنت كيف حالك مع زوجتك تارا والأولاد؟
نظر ليّ وابتسم بسمة حزن نوعًا مَا:-
في الحقيقة يا هِشام ليس الوضع في احسن حال، العلاقة بيني وبين تارا مُتوترة نوعًا مَا، بعد الزواج أشياء كثيرة تتلاشى.
تحدثتُ مُسرعًا لهُ:-
مثل ماذا يا عُمر؟ أنت وتارا قصة حُب عميقة طوال سنوات الدراسة بالجامعة
نظر ليّ وقال بنبرة سخرية:-
حُب، ثم أكمل حديثهُ الحُب يذهب بعد الزواج يا صديقي، يذهب عند حضور الأولاد، وكثرة المسؤوليات، فترىٰ حياتك تذهب مِن بين يدك ما بين الروتين الحياتي، العمل، والبيت، لا شيء جديدًا حقًا.
تحدثت لاخرجهُ مِن مزاج الحزن هذا مازحًا:-
أرأيت لهذا أنت لم اتزوج، أترى كيف تبدو مثل العجوز للغاية؟ لكن انظر لي مازلتُ شاب يا شيخوخ، ثم أكملنا ضحك واردف لي:-
سوف تقع في الحُب يا صديقي، وحينها سوف اسخر منك، ثم اكملنا ضَحك، وبعد عدة من الوقت قلتُ لهُ جدتي تهاتفني، سوف أذهب احدثهَا وآتي إليك.
وبالطاولة الأخرى كانت تجلس ميان وجدها، حينما تحدثت.
ميان:-
جدي سوف اذهب لَ the bathroom
“الحمام”
تحدث الجد:-
حسنًا عزيزتي
وكانت ميان خارجة مِن دورة المياة حينها اتصدمة بأحدهم وتحدثت:-
You are an idiot, why don’t you take care of walking with your back, what a idiot you are
“أنت أحمق، لما لم تأخذ حذرك تسير بظهرك يا أحمق”
حينها اردفتُ لحديثهَا”هِشام”:-
مَن الذي تلقبيهِ بالاحمق يا بلهاء؟
قامت بأخذ حقيبتهَا من الأسفل؛ لانهَا سقطت فور التصادم، وتحدثت لي:-أنت هل يوجد أحد سواك هنا؟ ولا تلقبني بلهاء أسمعت؟
غضبتُ كثيرًا، وقلتُ:-
لا لن ألقبك بلهاء، بل سوف ألقبك بشيء جيد تشبهينهَا، وهي giraffe”زرافة” إلىٰ الجحيم.
ثم تركتهَا وعدةُ إلىٰ الطاولة وأنا استمع لحديثها خلفي بصوتٌ عال
ميان:-
To hell you crazy I hate you
“إلى الجحيم أنت يا مجنون، اكرهك”
وآتىٰ المساء وكُل منا عاد إلىٰ منزلهُ، عدتُ وجدة جدتي بإنتظاري جلسنا سويًا، وأنا قلتُ لهَا رأسي يؤلمني هل قمت بعمل مساج لي يا عجوز، ابتسمت، احضرتُ لهَا زيت الذيتون ثم جلستُ ارضً، ووضعتُ رأسي علىٰ رجليهَا.
منى:-
كيف كان يومك اليوم يا عزيزي هِشام؟
وأنا اشعر براحة من تدليكهَا لي:-
كان جيد نوعًا مَا جلستُ مع صديقي، لكن اتصدمت بفتاة ترى نفسها مغرورة للغاية.
منى:-
من هي تلك الفتاة؟ وماذا حدث؟
قمتُ بإعتدال وتحدثت بكبرياءً:-
لا أعرفهَا حقًا، لكنني أعطيتهَا درس مبرح لن تنساهُ طوال حياتهَا، أنا أريد النوم، عمتي مساء.
وبعد عدة ساعات، لا محال للنوم يدلف عيني، وأنا اتذكر مَا قلتهُ لتلك الفتاة، حينما قطع تفكيري تلوف جدتي ليّ
العجوز:-
الم تقل أنك تريد النوم، أراك مستيقظ حتىٰ الان.
وأنا راكضًا في الفراش، انظر إلى سقف الغرفة:-
لا أعلم اشعر انني لا أريد النوم؛ لكنكِ لِما دلفتي لغرفتي؟ ألم تخلدي للنوم بعد؟
ابتسمت، ثم أتت تجلس علىٰ أحد أطراف الفراش:-
أعلم صغيري جيدًا، سوف يؤنبهُ ضميرهُ طوال الليل، ولن يغمض جفنهُ؛ لهذا أتيتُ لك.
تحدثت نافيًا:-
لا أنا لا افكر فقط لا أشعر بنعاس، لكن الآن أشعر أنني سوف اخلد للنوم.
قامت وقالت:-
حسنًا يا عزيزي، سوف اتركك، عمت مساءًا.
وقبل أن تذهب وتغلق الباب نظرتُ لهَا:-جدتي هل أنا ارتكبتُ خطأ حينما قلتُ هذا الحديث، لتلك الفتاة؟
قالت العجوز بخبث نوعًا مَا:-
أنا لا اعلم، ماذا يقول قلبك؟
اكملت نظر للسقف:-
يقول قلبي أنني قسيتُ بحديثي
العجوز:-
حسنًا حينا تراهَا قم بتقديم الاعتذار لهَا.
هيشام:-
هل ترين أنني سوف أراهَا مرة أخرىٰ؟
وهي تغلق الباب قالت جملتهَا:-
إن كان يريد القدر ان يجعلك تقابلهَا ثانيةً، فسوف تراهَا يا صغيري، عمت مساءًا.
إلى اللقاء في الجزء الثاني والأخير.
المزيد من الأخبار
مكالمة بعد منتصف الليل
الأمير قمر الزمان
لعنة سنموت