كتبت: مريم نور.
أنا وأنت وأي شخص، مررنا بلحظات نفذ وقتها، وفات أوانها، لكن أثرها لم ينتهي، باقي على مر الزمن، تتجعد الملامح، يشيب الوجه، تقل كفاءة القلب، تتغير الأماكن، تتبدل الأشخاص وربما ترحل، لكن أثر هذه اللحظات كما هو.
البعض منا لم يستطع محو أثر اللحظة التي بكى فيها من نفسه على نفسه عندما تلقى صفعة الخذلان من شخصه المفضل، تخبئته لدموعه حتى لا يراها أحد ويقذف إلى أذنه الجمل المعتادة المليئة بالفخر بنفسه والرقص فرحًا بنصائحه العظيمة على حطام قلبه، التي لو كان سمعها ما وصل به الأمر إلى ذلك، أو حسرته على سذاجة قلبه في الإصرار على البقاء مع هذا الشخص، دائمًا أرى ذلك كمن يأمل أن يجد دهانًا مبهج لحوائط منزل آيل للسقوط.
أو لحظة فقدان ركن مهم في الحياة، ركن كنت تجد فيه مذاقًا للفرح، و استمتاعًا بعلقم الألم، ركن استطاع بدون أدنى مجهود أن يأخذ منك نسخة واحدة.. واحدة فقط و يخبئها بداخله؛ وعندما يرحل يا عزيزي، تبحث عن نفسك فلا تجدها، وروحك فتفتقدها، و ينتهي بك الأمر جالسًا بمفردك تُرَدِد جملة تخدع نفسك بها : ” ماهي إلا أيامًا تمر، وحياة لست باكيًا عليها”.
هناك لحظة أخرى، أكاد أجزم بأن جميعنا مر بها، لكن الكثير لم يستطع تفسيرها، لحظة الصدمة التي تجعلك صامتًا، عاجزًا تمامًا عن إعطاء أي رد فعل، وبداخلك ألف فعل، تحاول لمس كل الماديات حولك، على أمل أن يصبح هذا حلم بل كابوس، لكن ارتخاء يدك بعد الملامسة يخبرك أنه ليس حلمًا و إنما ألمًا سيأخذ نصيبه من النبش في قلبك.
لعلك ستبتسم و انت تقرأ حروفي عن هذه اللحظة، لكن المؤكَد أنني ابتسمت بالفعل و أنا أكتبها، لحظة أول لقاء مع حبك الحقيقي، يمكن أن يكون اليوم مرهق أو الحياة بأكملها مرهقة، حتى تصادفك الحياة به، فكأنه ألقى على وجهك نفحات الابتسامة فتبتسم عندما تراه، وعندما تتذكر هذه اللحظة، ولا تفهم سر هذا، وإن لم يكن النصيب والقدر حلفاءك لتُكمِل حياتك معه، تظل متذكر هذا الشعور جيدًا، لأن الحبيب الحقيقي يعطي القلب شعورًا لن يتكررا إلا معه.. معه فقط.
وماهي إلا لحظات يمر عليها عمر، وما هو إلا عمر يعدو بنا، ليُبَدِل كل شيءٍ بنا، ويبقى الأثر.
المزيد من الأخبار
محرقة
نار بلا وقود
الحب والتضحية