بعد طول غياب

Img 20230504 021538

كتبت: ألفة محمد الناصر

 

على ضفاف البحر الأبيض المتوسط في بلدة ” الماتلين ” المطلة على زرقة السماء

والبحر من خلال ثلاث واجهات بحرية جبلية غابية، في الشارع الرئيسي تعيش أسرة الحاج عبد المولي ” التاجر المقتدر صاحب الأراضي والأملاك برفقة زوجته وابنه الأكبر وعائلته، في إحدى أمسيات الصيف المتوسطي، سمعت الجدة ” عائشة ” جلبة خارج المنزل، فاستغربت الأمر إذ لم يكن في تلك الفترة أي حفل زواج أو ختان سوف يقام في الحي؛ فأرسلت حفيدتها لتقصي الأمر من خلال شرفة المنزل الفخم الذي يعلو المتاجر

الجدة كانت إمرأة قصيرة القامة، لاتزال بكامل صحتها رغم قساوة الحياة والمحن التي مرت بها، خاصة بعد وفاة صغيرتها ” سعاد ” العروس في ديار الغربة في ظروف غامضة.

أصبحت الجدة منهكة القوى تتأثر؛ لأبسط صراخ ضجيج أو أصوات مرتفعة.

بعد غياب ابنها ” كمال ” الذي طالت فترة غيابه اثر أحداث هزت أرجاء المنطقة الساحلية المتاخمة للجزر الايطالية منذ عشر سنوات تقريبًا داهمت السلطات البيوت المشتبه فيها للتقصي والبحث في موضوع ” الحشيش ” الذي يقال انه لفظته أمواج البحر على شواطيء البلدة؛ ليتقاسمه بعض السكان إذ من بينهم من فكر أنه مجرد مواد تنظيف مستوردة؛ بينما تعرف إليه الشباب الذين حاولوا استغلال الفرصة للتربح وكان “كمال ” الابن الذي لم ينهي تعليمه واكتفي بالعمل في تجارة ونجارة والده المتسلط المقتدر؛ ولكن البخيل حتي مع فلذات أكباده، فالإبن الغايب كان محب للبحر والسباحة ويعرف أركان الشواطئ ركنًا ركنًا.

عادت الحفيدة؛ لاخبار جدتها عن سبب هذه الجلبة في الخارج، لكن كانت مصحوبة بوالدها وعمها الأستاذ وزوجته هرع الكل إليها خوفٌ على صحتها؛ فهي تعيش بعد عملية قلب مفتوح. وصولهم جميعا أثار فضولها فسالت:

– ماذا هناك؟ ما الخطب؟

— تكلم الأستاذ مهيأ الأجواء ” أمي أرجوك تمالكِ نفسك بإذن الله خير لدينا خبر سار نزفه إليكِ ”

— تكلم يا بني ماذا هناك؟!

– أنا هادية لقد نشفت الدماء في عروقي.

– لم يتمالك ” كمال ” نفسه ولم يترك أخاه يمهد الأجواء واطل بعيناه الخضراوين الشقيتين تتلألأ فرحًا وغبطة بلقاء والدته على قيد الحياة.

اغرورقت عيون الجدة وهي تصيح عاليًا الحمد الله، الحمد الله؛ بينما كان نور الدين يعانقها تارة، وتارة يقبل جبينها ويديها، تلعثمت الكلمات في الأفواه وانهمرت الدموع من عيون الحاضرين غير مصدقة من وهل ما حدث؟ 

 

عن المؤلف