أضحيت صلبًا كمن يخشى فاجعةً وتلحق به

Img 20230424 Wa0160

كتبت: مريم محمد خليل

 

في جلستي الأخيرة مع طبيبي المختص، قرر تكرار الجرعة ذاتها من نفس ذاك النوع من الدواء، لا اعلم لم يكرر طبيبي نفس تلك العقاقير التي لا أشعر بأي تحسن بعد تناولها؟ ظل الطبيب يتحدث ويتحدث، تراهات وكثير من الثرثرة وكلمات كثيرة لا أكاد أجزم معناها بسبب عدم تركيزي وآخرى حول تفاصيل كثيرة، عن الفراق والغربة، وتركِ لبلدي هاربةٌ من أثر الخذلان، عن ذاك الخام الضائع والقلب المجروح، عن أثر الندبات وهشاشة روحي المتثاقلة؛ لكنه ترك تساؤلاتٌ في عقلي، كان يتحدث عن العاطفة، والعقل، والحب، كان يوضح أن الهدف هو أن نكون عقلانيين أكثر مما ينبغي، أن نخفي مشاعرنا، ونوقفها، ونكتم أثرها؛ ظللت أناقشه، لم يا طبيب عاطفتي خطيئة؟ 

ما العلة في أن يحب المرء ويجد من يحيَّ بقربه ويستأنس بوده؟ وما المزايا في أن يكون المرء صلبًا جامدًا ؟

 إني اهرب من هذا العالم المفجع فقط؛ لأنه يرى قلبي عارٌ على المجتمع، لكني مازلت أفخر به مهما انتقصوه ومهما كان ضئيلٌ من وجهة نظرهم، مهما ضعف وتألم وأنَّ من كثرة الأوجاع، فهو صامد ولا زال يضخ الدم رغم كل تلك الفواجع، أعلم نظرتهم تجاهي وأفهم مدلولها؛ لكني اخترت نفسي والنفوس عزيزةً، فمن أراد الرحيل؛ فليرحل فلن أحيا كل عمري فانية، لم يا طبيب يجرحنا الهوى ويعصف بنا إلي جبالٍ عالية، وما نلبث حتى ننصدم أننا بتنا في الهاوية؟ كيف السبيل إلي الحبيب المخلص الذي لن يكل ولن يمل؟ وحتى إن لم أجده فلن أغترب عن بلدي، إن هذه أرضي والديار دياري، والمكان ملكي والمدار مداري؛ فلما أجول حول البلاد وأنني أملك من الأمتار والأفدان؟ ولكن كان طبيبي على حقٍ أحيانًا، فقد تغيرت أحاديثه، وتغيرت معها ملامح وجهي، سيطر علي الشيب وأنا لم أتجاوز الثانية والعشرون؛ ولكني اندهشت كثيرًا، فيما بعد بقدرتي على تجاوز الألم والحزن وحدي، عدت إلى قوتي التي كانت تكمن داخلي، حررتها وبقيت أنا فقط من يملك زمام أمري، وأتحكم فيما أريد ولا أريد أنا فقط .

 

عن المؤلف