كتبت: زينب إبراهيم
يا عزيزي، إن كل شيءٍ بالحياة بمقدار ورزقٌ من اللّٰه لك؛ فلن يأخذ أحدًا رزقك مهما حدث، فتوكل على الرحمنِ في كل أموركَ الدنيوية والآخرة أيضًا؛ لأن قلبك كتابٌ مفتوح لله يرى ما في جوفهِ، فيعلم ما يئن بهِ وما يحتويه من دموعٍ ليس العيون هي من تبكي فحسب؛ إنما الفؤاد يدمي كذلك بوابلةٍ ولا يدري به سواه، بل والليل حِينما يسدل ستائره يأوي كل شخصٍ إلى فراشه ولا يعطي بال لك ولا لقلبكَ الدامع وما يقبع فيه من آلام لا تبدي لأحدٍ إلا اللّٰه يكن معك كل ثانيةٍ ولا يتركك وإن فعلت أنتَ؛ إنما شكوى الفؤاد يسردها بسلالةٍ لربه ولا يتحدث اللسان بها، فالعيون تنهمر بالدموع له والقلب كذلك؛ لأنه يعلمُ مدى إحتياجه للجابر حتى يجبر كسرهُ الذي لا يقوى عليه سواه، فيلجأ ويرفع المرء كفيه وهو يعلم عِلم اليقين أن ربه لن يردهما صفرًا .
كفاك ألمًا وأنت تعلم أن لك ربك يغنيك عن العالمين، فهو من ينصت لك كل حينٍ ويراك؛ أما أنت لا تبصره كفى يا عزيزي، دموع عينيك غالية عند ربك وليست هينة مثل بني البشر الذين لا يشعرون بك أو بما حدث في ماضٍ أليم وذكريات أكثر آلامًا آه يا فؤاد، قد شق السبيل إليك وأنت وحيد ومعك الجميع؛ لذلك إن كانت الوحدة هي الشيء المحتوم عليكَ لا تكدر ذاتك أبدًا، فيكفى البشر عليك لا تكن أنت أيضًا عليها، لا تحملها ما لا طاقة لها به، لا تثقل قلبك بالهمومِ والوجوم؛ فكن كما النسمةُ في الصباح تدغدغ وجنتيك ببسمةٍ على ثغرك ولمعة في عينيك لا يراها، إلا من بعث لك النسمة؛ لتغير من مزاجك ولو قليلاً، فهو يعلم كم أنك تحب الصباح ونسماتهِ؟
أنت إنسان جميلاً بقلبه النقي وإن أظهرت عكس ذلك، فأنت تبدي أنك قوي وتستطيع المضي بطريقك بمفردك ولا تحتاج إلى أي أحد؛ أما عن الحقيقةِ، فأنت تهاب الوحدة حد السماءِ لا تستطع المكوث بدون التحدث مع أحد وتبادل أطراف الحديث إلى أن يجن عليك الديجور بقسوتهِ ويهلّ بذكرياته وتتمنى إذا كان معك رفيقك الذي يخرجك من العزلةِ إلى الأنس والضحكات التي لا نهايةَ لها؛ إنما قلبك يرى الأنس باللهِ والجلوس معهُ، فهو من يستطيع أن يبدل حالكَ إلى حالٍ تهواه أنه يقرأ كلمات فؤادك التي سردت في كتابٍ لا يعلم فحواه إلا هو وإن تلفظت بشتى أنواع الأسى والفتور لن توصل إليه جل ما يجول بداخلكَ من أنينٍ؛ أما عن الرحمن، فلا تتحدث بما بك بنظرةٍ واحدة تارة يعلم ويسمع كل ما يدور بذهنك وأنت تضحك بصوتٍ يكاد من ينصت له يقول: هذا لا يوجد بحياتهِ شيء من أسى، سقم، هموم… إلخ من نوائب الحياة التي تثقل المرء وتجعل حياتهِ في كدر تامٌ.
المزيد من الأخبار
محرقة
نار بلا وقود
الحب والتضحية