كتبت: ندا محمود أبو المجد
أعلم أنه ما أن تقع عيناك على ذلك العنوان فورًا سيستحضر عقلك صورة لإمرأة ما غامضة مطمصة الملامح؛ ولكنها بكل تأكيد لعوب، مثيرة، يتمايل جسدها دون أن تحرك له ساكنًا، وإن لم تكن على قدر كافٌ من ضبط النفس؛ فستقفز الكلمات على شفتيك للفظ كل ما لذ وطاب من السُباب اللاذع، ولكن في الحقيقة أكاد أقسم لك أن تلك الصورة الحاضرة داخل عقلك الآن لا تمت بصلة لما تشتهيه نفسك، وأكاد أقسم لك أيضًا أنني أعلم أن إمراتك تلك النائمة جوارك إمراه هوي، وحبيبتك التي تحلم بأن يجمعك بها ملاذ واحد على الرغم من الدولار الذي أصبح بمثابة جاسومك اللعين الذي يبقيك بعيدًا عن الحلم.
ابنتك تلك الصغيرة ذات العينين الدافئتين التى تجمع بهما دفء العالم كله رغم البرد القارص والرياح التي تكاد تقتلعك من أسفل بطانيتك الوثيرة، أختك كذلك وأمك؛ وربما أنت نفسك بائعًا للهوى، وكم يقززني أن ينحصر الهوى في تخيل وضيع لا ينبغي أن يمت لمعناه بصله.
أسمع لي وليتسع صدرك بضع دقائق لحديثي فيصل لك مقصدي، إن المصدر للهوى وإن رجعنا للمعجم الرائد هو العشق، إرادة النفس قبل ميلها، أي أن الهوى لم يختص أبدًا بذلك الجُرم الذي التصق به في عقولنا؛ فإن ما يهوى يهوي كان محمودًا أو مذمومًا؛ ولذا ذكرت ارادة النفس قبل قول ميلها، فالإرادة هي ما تحتم عليك ما يذهب إليه قلبك بالعفاف والعذرية؛ أما ميل النفس، فتسوقك إلى ما تشتهى دون تفكير إتباعًا؛ لذلك المبدأ الشائع لنيكولا ميكافيللى بأن الغاية تبرر الوسيلة أي أن يصبح كل المحظور مباحًا.
إن الهوى مباح وبريء مما أنسبنا إليه من تهم، أن المقصد من الحياة أن تهوى، تحب، تغرم، ترحم، تسكن، تستأنس، فتهب إن المرأة أو الرجل سواء كٌلا منهما يبحث عن الهوى الذي يرضى باله ويسلسل شياطينه، فلما إنحصر الهوى على الدناءة، إن المرأة حين تهوى تهب بلا حدود، تهب إرتقابًا منك أن تفهم أن كل ما تقدمه؛ لرغبة واحدة منك لأمان يندرج أسفله مئات البنود، والرجل حين يهوى يصبح أمامها كطاووس منسوج ذيله من ألماس الأمان، والحب، والاهتمام يتراقص أمامك حتى تهوي، حتى تهبى؛ فيعرض عنك وهنا يلطخ الهوى بأولى التهم، وتنسب إليه كل الجرائم والسباب.
فرفقًا بمن جوارك وأدرك أن الهوى مسعى في الحياة، فأحذر ولا تجعل من ينتظر منك الهوى يلهث وراء العطاء ممن سواك؛ لأنك حينها ستصنع بيديك بائع الهوى.
المزيد من الأخبار
إلى فيروز نهاد حداد
الوقت لا يشفي الجراح
الاختلاف والتغيرات