رسالة إنتحار‌

Img 20230412 Wa0000

كتبت: دعاء مدحت حسين هلال

 

 

في غرفةٍ مظلمة يخطو منها شعاع ضوء خافت، يسكنها ضوء القمر ويرتابها هدوء الليل القاتل، تجلس هي.

كم تبدو وحيدة تلك التي تكتب 

أنَّات من الآهات على دفترها وتدونها بِحبرها الأسود؛ وكأنها تكتب لِمَرَّتها الأخيرة، وتلامس لَمستها الأخيرة؛ لِدفترها، أغلقتْ دفترها، وحملت شيئًا واتجهت إلى حديقة الأشجار، ثم أحضرتْ هذا الشيء، إنه حبلٌ، لقد قررتْ على الانتحار لا محالة، وأخذتْ تثبتُ الحبل على أحد أغصانها، وهي تحاول في تشابك الحبل رأتْ رجلاً عجوزًا متحنيًا كان متعبًا من كثرة جمع الأحطاب.

الرجل العجوز مبتسمًا: كيف لكِ أن تأتين في وسط هذا الظلام ابنتي؛ لكي تصنعي الأرجوحة؟ ظلَّت صامتة لاتقوى على الكلام، أخذ الرجل العجوز يصنع لها الأرجوحة مستخدمًا الحبل والأحطاب الذي كان يجمعها حين انتهى، الرجل العجوز: هيا ابنتي دعنا نجرب الأرجوحة، هنا نسيِتْ كلَّ أحزانها وانساقت على الأرجوحة، وتعالتْ ترددات وصدى صوت ضحاكاتها. 

إنَّ البعض ينحني؛ ولكن ليس ذلَّا، ينحني لِيذِلَّ الحياة ويعيش بكرامة، هكذا انحناء الرجل كان كرامة؛ لِتحمُّله لِكل مساوئ الحياة. 

ولقد أوشكتْ الفتاة على الانحناء مذلَّةً لِلحياة لولا ذلك الرجل، هكذا بعض العابرين يرسلهم الله لنا كَرحمات ومدافع إنقاذ لِحياتنا قبل الإنجراف في دوامة أخطائِنا .

 

 

عن المؤلف