20 سبتمبر، 2024

الكاتب مصطفى حِنيجِل في حوار خاص لمجلة إيڤرست الأدبية

 

 

حوار: د رماح عبدالجليل

 

يقول مريد البرغوثي: “الكتابةُ غربة، غربة عن الصفقة الإجتماعية المعتادة، غربة عن المألوف والنمط والقالب الجاهز، غربة عن طرق الحب الضائع وعن طرق الخصومة الشائعة، غربة عن الطبيعة الإيمانية للحزب السياسي”، إذ يصفها بالغربة أعتقد ُ أنه يقصد الاختلاف ولربما الألم الذي يظهر في معاني الغربة.

ضيف هذا الحوار كاتبٌ متميز، قدم ألوانًا مختلفة في الأدب والقصة، فقد كتب الكوميديا الساخرة، وناقش القضايا الاجتماعية بغموض وتشويق كبيرين، تناول القضايا النفسية من منظوره ورسم شخصياتها، يتقن لغته جيدًا ويُعَبِّر بها عن ذاته وهويته، تظهر غربته و فلسفته جلية في حديثه واجاباته التى استمتعتُ بها كثيرًا، إنه الكاتب”مصطفى حِنيجِل” الذي اسعدني بتلبية دعوتي فكان ضيفًا على إيفرست فأهلًا بكم.

_بدايةً نريدُ منك التعريف عن نفسك، فمَن هو ”مصطفى حِنيجِل”؟

روائي مصري، خريج كلية التربية قسم علم نفس تربوي،صدر لي أربعة أعمال أدبية بين القصة والرواية، وهم “عود السوس” مجموعة قصصية، صدرت عام 2017، عن دار لوغاريتم للنشر والتوزيع “رجل المُستجير، رواية كوميدية” صدرت عام 2018، عن دار تويا للنشر والتوزيع، “بيت طاهر” رواية صدرت عام 2019, عن دار تويا للنشر والتوزيع، “قبر الملاك” رواية صدرت عام 2022, عن دار إبهار للنشر والتوزيع.

_رحلتك في الكتابة لك فيها أربعة من الإصدارات الورقية، هل تطرقت لخطوة النشر الإلكتروني؟ وكيف تراه من وجهة نظرك؟

النشر الإلكترونى، كان في مرحلة سابقة للنشر الورقي، حيث نشرتُ عشرات المقالات على المنصات والمواقع والجرائد الإلكترونية المختلفة.

أما عن نشر الأعمال الأدبية إلكترونيًا فدُور النشر تقوم بتفعيل هذا بالفعل في كل الأعمال بجانب النسخة الورقية.

النشر الإلكترونى أصبح من أهم سبل القراءة، وينازع الكتاب الورقي في الانتشار والوصول للقاريء بشكل أيسر، وفي ظل ارتفاع سعر الكتاب الورقي، أصبح الكتاب الإلكتروني نافذة عظيمة لآلاف القراء. لكنه أبدًا لن يحل محل الكتاب الورقي بشكل قاطع.

_أترى أن الكتابة الأدبية تنبع عن رغبة حقيقية داخل الكاتب، أم أنها مجرد امكانية يُطوِّع فيها الكاتب ادواته لنثر مايسمح له بالاستمرار في الساحة الثقافية؟

في هذا الأمر لا توجد إجابة ثابتة، ولكنها تختلف باختلاف شخصية كل كاتب، وطريقة تعاطيه للكتابة، ودوافعه؛ فعلى سبيل المثال، بدايتي في الكتابة لم تكن أدبية خالصة، لكنني مررت بالصحافة مرور قصير، وبعد وقت لم أشعر بالرضى، فمهنة الصحافة ملزمة للصحفي بمعايير وفنيات معينة، هربت واتجهت إلى الكتابة الأدبية التي أشبعتني تمامًا، وأطلقت لخيالى العنان لأكتب ما يمس قلبي إذن، فالكتابة تنبع من دوافع خاصة لدى الكاتب، وتتطور بمرور الوقت، يكتسب خلاله خبرة تمكنه من التعامل معها بشكل احترافي،

إذن، فمن خلال تجربتي الكتابة تنبع من دوافع.

_تخيل معي أن هنالك شخصٌ يرى في نفسه القدرة على خلق الشخوص والمواقف وبالفعل بدأ في كتابة روايته الأولى، هل حينما لا يُصْدّرْ تباعًا لهذا العمل عملٌ آخر سيصنف على أنه غير موهوب؟ كيف يوازن الكاتب حديث النشر بين النشر المستمر، وبين جودة ما ينشر؟

دعينا نتفق أن الموهبة ليست بعدد مرات النشر، فعلي سبيل المثال؛ الروائي الفائز بالبوكر لهذا العام فاز بها عن عمله الأول، النشر هو مرحلة تقديم المُنتج للجمهور، فمن غير المنطقي أن يفكر كاتب في النشر، قبل أن يكون لديه رؤية كاملة عما يقدمه للقراء، ما هو مشروعه؟ وما هى فلسفته؟ وماذا يريد أن يقول؟ النشر المستمر إن كان غزير الإنتاج، وهذا العمل يستحق بالفعل لا بأس، لكن ليس على سبيل التواجد، فالكاتب ”علاء الأسواني”، صاحب الأعمال ذائعة الصيت، أصدر أعمالًا معدودة، لكنها تركت بصمة عميقة في دواخلنا،لم يفكر في نشر عمل كل عام، لكنه اهتم بفكرة “ماذا أقدم للجمهور؟”، ومن جيل الشباب، الروائي” أحمد مراد” الذي ينشر رواية كل عامين أو أكثر.

_في حياة كل كاتب كاتبٌ آخر ساهم في تكوينه الأدبي، من هم أهم الكتاب الذين شاركوا في تكوينك الفكري ورؤيتك الأدبية؟

قبل أى اسم، لابد أن أذكر عمنا العظيم” خيري شلبي”، والساخر الفذ” محمود السعدني”، هذا الثنائي له الفضل في تشكيل رؤيتي لكثير من الأمور، ثم نذكر الروائي الأردني ”أيمن العتوم” صاحب البلاغة العظيمة، والكاتب ”عمر طاهر”، صاحب الكتابة الإنسانية الدافئة، والكاتب الصحفي ”يسري الفخراني”، الذي يمتزج قلمه بالحب في كل سطر يكتبه.

_الأسماء التي ذكرتها أسماء عربية، ماذا عن الكُتّاب الأجانب، هل هناك ضرورة أن يطلع الكاتب على الأدب العالمي، وهل تؤثر قراءته تلك على إبداعه؟

بالتأكيد، الإطلاع على الأدب العالمي مهم جدًا، على سبيل المثال؛ ”دوستويفسكي” في الأدب الروسي، وكذلك الأعمال القصصية ” لتشيكوف”، ومن الأدب الياباني” هاروكي موراكامي” ،” غيوم ميسو ”من الأدب الفرنسي.. وغيرهم الكثير.

_رواية “رجل المستجير” تعتبر العمل الثاني لك، قد حملت بداخلها شخصية “مستجير معاطي الحدق” هل نتوقع أن تكون هناك سلسلة من السير المستجيرية قريبا”كما نوهت عن ذلك على ظهر غلافها”؟

في الخطة أجزاء مسلسلة بالفعل من شخصية مستجير، لكنها مؤجلة حاليا، لحساب أفكار أخرى أقوم بإعدادها للكتابة والنشر.

_كتبتَ عملًا روائيًا خارج نطاق الكوميديا تماماً، مراوغ، صادم، ربما يُفْقِد القارئ جزء من اتزانه، حدثنا عن هذا العمل أكثر، وهنا أعني رواية “بيت طاهر”؟

“بيت طاهر” كانت تحدى لنفسي أولا، ثم للناشر، وللقراء، قررت كتابة عمل خارج نطاق الكوميديا، حتى لا يضعني أحد ضمن تصنيف معين، كاتب ساخر مثلا، وكانت فكرة “بيت طاهر” تلح بشدة، فكتبتها، والحمد لله لاقت من النجاح ما تستحق، وكسبتُ الرهان.

_وماذا عن رواية( قبر الملاك)؟

رواية “قبر الملاك”؛ تناقش قضية نفسية شائكة، قررت الكتابة فيها ليس لِلَفْت الانتباه أو إحداث ضجة، ولكن لتحريك المياة الراكدة في الوعي الجمعي ناحية تلك القضية، لعلها تساهم في تغيير فكر إنسان، أو تضيء له جانب مظلم يجهله.

_هل توجد علاقة بين الأدب والعلوم الفلسفية، النفسية؟ وبصفتك تخصصت في “علم النفس التربوي” كيف أثرت تلك الدراسات على فهمك للشخصيات؟، وهذا يقودني لسؤالٍ آخر، بصفة عامة هل بعض التخصصات تفيد الكاتب في فهم شخصياته التي على الورق؟

قبل الدراسة، أنا عاشق لعلم النفس، أرى النفس البشرية بئرًا عظيم العمق، أبدع الله في خلقها، فصارت لغزًا حير الخلق جميعًا، الذين هم في نفس الوقت أصحاب هذه النفوس الذين احتاروا في فهمها وتفسيرها، ومن هذا المنطلق، رأيت الأدب بابًا يكشف ولو جزء ضئيل من خبايا النفس البشرية،علم النفس، والتاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع، هذه العلوم مجتمعة، تُشَكِّل الحياة الإنسانية، وتصيغها في أحداث متلاحقة لا تكاد تنتهي، التقط الأدب بعضها وقام بغزلها في حكايات مكتوبة.

_يتعلق الكاتب بشخصياته كما يتعلق بابناءه فهو اوجدهم وخلقهم على الورق، حدثنا عن الشخصيات والأبطال في كتابات”مصطفى حنيجل” ؟

أحب شخصياتي إلى قلبي،” مُستجير”، ثم شخصية ”سالم” في رواية قبر الملاك، وبالمناسبة” سالم ” كان أكثر شخص أرهقني خلال رحلتي في الكتابة.

 

على مستوى التحضير والكتابة، لو تحدثنا عن “بيت طاهر” فالبطولة كانت للفكرة، فلا يوجد بطل أوحد. أما عن المجموعة القصصية “عود السوس”، فشخصية الجدة” نعمة”، وشخصية طفل الشوارع” سامح” وشخصية ”أحمد نوار” كانوا أكثر ما لمس قلبي, لأنهم شخصيات حقيقية تماما من لحم ودم.

_إلاما يطمح “حنيجل” في الكتابة، ماذا يريد أن يحقق؟

أن يرتبط اسم حنيجل عند القاريء بالكتابة ذات الأثر.

 

نشكرك على هذا الحوار الممتع معك، كلمة أخيرة لمجلة إيفرست؟

أنا فخور بمشروعكم الإثرائي، الذي يرعى الحياة الأدبية، أتمنى لكم مزيد من النجاح.

 

 

 

عن المؤلف