حوار: قمر الخطيب
أشرقت شمسُنا وبات في سماءنا قمرين اثنين؛ فقد أخذت ضيفتنا اليوم من اسمها نصيب؛ فقد أرتنا من ابداعها الكثير، واستطاعت التميز في الأدب فخلقت عالماً لها وحدها؛ وكان سقف طموحها تخطى السماء التي أحبتها، وها قد دعتنا لعالمها لنحلق معها في سماوات الإبداع
_هلّا عرفتي قُرائنا من تكونين؟
أهلاً وسهلاً بك .
أنا رُؤىٰ السّيّد، طالبة أدب عربي سنة ثانية ومُقبِلة على الثالثة بعون الله، أتممتُ التاسعة عشر من عمري ودخلت العشرين.
فتاةٌ روحانيّة القلم، أرىٰ الحياة كورقة، ويديّ القلم.
سماويّة، أحبّ السّماء ما استطعت إليها سبيلا وشغفاً.
_ كيف كانت نشأتك الأدبية؟وكيف اكتشفتِ تلك الموهبة؟
نشأتي الكتابيّة كانت في فترةٍ عاطفيّة دخلتُ بها فاهتزّ كياني، وانقلبت موازيني، وشرعتُ بالكتابة، مضت أربع سنواتٍ على دخولي في هذا العالم الّذي لا أعرف له نفقاً ولا أجدُ منه مخرجاً وأكادُ أجزم أنّني لن أجد.
تلك الموهبة اكتُشفَتُ كما قلت سابقاً بسبب تجربة هزّت كياني، فأحسستُ بدافعٍ للتّفريغ، لمكانٍ يحتويني، وحضنٍ يغمرني، ولإنسانٍ يفهمني، وواقعٍ لا يقتل روح الحياة داخلي، فلجأتُ إلى الكتابة دون أدنىٰ رغبةٍ منّي حتّى أنني لم يكن لديّ هذا الهاجس أو هذه المعرفة عن شيءٍ اسمه كاتب أو قارئ كنتُ صغيرة، وكانت الكتابة بدايةَ كلّ شيء ومفتاح كلّ أبوابي؛ النّضج، الوعي، الاستيعاب، القراءة كي أنمّيها وأصقلها، ويمكنك القول بأنّني خُلِقتُ من عدم إلى وجودٍ يسمّى “الكتابة”.
_من الداعم لكِ في مجال الكتابة؟
الدّاعم لي، كثيرون، أهلي، أصدقائي، يمكنك القول أيضًا أساتذتي، دكاترتي، ومتابعيني على صفحتي العامّة والخاصّة.
_شاركتِ في كتاب إلكتروني؛ كيف كانت تجربتك تلك؟ وهل من سلبيات لها من وجهة نظرك؟.
شاركتُ في كتاب، كانت تجربة لا بأس بها؛ فيها من السلبيات مثل ما فيها من الإيجابيات، بالنسبة للجانب الإيجابي؛ شعرتُ بقيمة ما أكتبه ولا سيّما أنّ كتاباً ضمّه، وأناسًا ستقرأه، وجمّعت بضعة نصوص في كتب إن رحل كاتبها يوماً ما فإنها ستبقى، بين الصفيحات تُقلّب.
السّلبيّات لا أعدّها بالمعنى التام سلبيات، لكن يمكنني القول إنها من منظوري كانت تجربة جميلة، لكن بعد فترة شعرتُ بانتشار كبير للكتب المشتركة وإقبال الكثير من الذين يكتبون عليها و بعد أن اكتشفت أو تطوّرت إلى أن أصبح بإمكاني أن أنشر نفس هذا الكتاب لي وحدي وباسمي بنفس العنوان “مجموعة خواطر”، وعندما أصبح بمقدوري جمع نصوصي بكتاب ونشره لم أفعل، وهذه أيضًا قناعةٌ شخصيّة، سأبديها يوماً ما .
_ما الذي يحفز قلمك للكتابة؟ وماهي طقوسك؛ ومن أين تستلهمين مشاعرك للبوح؟
كان المحفّز الأوّل هو الشّعور الّذي امتصّ دمي، واستنزف حبري على ورقة، وبعدها أصبح الدّافع لأكتب أنّني لا أستطيع ككائنٍ ورقيّ يكتب أن يعيش بلا أكسجين، أو أن ينظر إلى الكون بلا منظار، أو أن يسمع دون أن يكون للصوت رجع صدىً ضائع أو موجود فيه.
الكتابة هي كلّ ما أملك ولا يمكنني تصديق فكرة ألا أكتب، هي هِبةٌ ونعمةٌ أشكر الله عليها.
ليس لديّ طقوسٌ محدّدة، أكتب عندما أكونَ فارغة لأملأني وعندما أكون ممتلئة لأفرغ حملي، أحبّ هدوء اللّيل ونسائم الصّباح، أشعر أنّ الكون بأسره يقرأ ما أكتب.
يمكنني الاستلهام من الصّور ارتجالات، من وجوه البشر وكتبت :” الارتجال هو أن تنظر للنّاس على أنّهم صور”
أيضًا السّماء، القمر، العتمة .
_ماهي مشاريعك مستقبلاً،؟ وما الذي ينتظره المجتمع منك؟
مشاريعي هي رواية بدأت بها منذ عام تقريباً كتبت ثلاثين صفحة ولم أكملها، لعلّ الأيّام القادمة تكتب لي ذلك.
لديّ الكثير من النّصوص فكّرت منذ فترة بأن أجمعها في كتاب، وسمّيته “هنا أودعت قلبا” مجموعة خواطر، لكنّني لا أظنّ أنّني سأنشرها للعامّة حاليًّا، سأحتفظ بها إلى ما شاء الله.
ينتظرون منّي أن أكمل هذه الرّواية، وأن أنشر النّصوص بكتاب أعنونه بـ “خواطر”
هذه رغبتهم، لأنّهم دائمًا يقولون لي ستكون مُذهلة، ستخترق القلوب والكثير من العبارت المُدهشة المشجّعة.
_في بعض الأوقات يقع الكاتب في فخ الشهرة وحب الذات؛ كيف تجدين هذا الأمر من وجهة نظرك؟ وكيف يستطيع الكاتب التخلي عنه؟
الشّهرة شيءٌ جميل، وقد حظيتُ بقدر بسيط منها، لكنّ الكاتب سيواجه الكثير من الآراء والانتقادات منها البنّاءة ومنها النّاسفة الّتي تحطّم وتجرح. وعلى الكاتب بكلّ تفهّم ولطف أن يجذب القارئ للتّجاوب مع رأيه أو مجادلته، وهنا سيقع في .. لن أقول فخّ، سأقول جدال مستمرّ، ويمكن من النّاحية الإيجابية أن يكون رأي القارئ موطأ قدم للكاتب ومحطًّا لتغيير منظوره ومناقشة أفكاره إن أعجبه ذلك.
بشكلٍ عام أنا ككاتبة مبتدئة لا أحبّذ الشهرة إلّا إذا تمكّن الكاتب من لغته، وأصبح لديه وعي كافٍ للإحاطة بكلّ الآراء وتقبّلها.
_ما المعوقات التي تواجه الكاتب في بداية طريقه؛ وكيف يستطيع تخطيها من خلال تجربتك؟
المعوّقات الّتي مررتُ بها، أنه لايمكنك مثلاً النّوم وفي رأسك فكرة، ستنامين وأنت تحلمين بها إن كانت جميلة، وإن كانت مزعجة ستكون كالكابوس.
الكتابة هي الحاسّة السّادسة؛ يمكنك استشراف شيء ما سيحدث من خلال عمق شعورك، أو من منامٍ راودك، وقد حصل هذا معي كثيراً، فحدس الكاتب لا يخطئ، وكنت قد تمنّيت كثيراً لو أخطأ.
يصبح الإنسان دقيقًا جدّا متى بدأ وتطوّر في الكتابة، ويصبح خطيراً، تقع الكلمة في قلبه قبل أن تقع على صيوان أذنه.
توثيق الأحداث يجعله كائنًا لا ينسىٰ أبدا وخاصّة إذا كتب شعوره ثمّ مضى عليه أعوام وعاد إليه وقرأه، سيصيبه شعوران؛ قارئ وكاتب.
أظنّ كلّ هذا لا يقع به سوى الكاتب، لذلك سيظلّ يقع في الحفرة نفسها مع كلّ نصّ، فالكتابة هي تجدّد الشعور، وما دام الكاتب يكتب سيدفع ثمن كلّ حرف.
_هلّا شاركتنا بخاطرة قصيرة ترتوي أذهاننا منها؟
أنت لاتعرف ماذا يعني أن تكتبَ كلّ يوم، أن توثّقَ حديث الأيّام، و ترى الحياة ورقةً وأنتَ القلم ومشاعرُك الحبر، وأنّ للصمتِ فمًا لا يُغلقه إلا موت الكاتب وسكون الكلمات، وأن للحروف آذانًا صاغية يثقبها صوتٌ ضائع.. أنت لا تدري ماذا يعني أن تنظرَ إلى الحياة من سطرٍ مائل أو حرفٍ مُرهَق أو جملة متعَبة، أو نصّ ناقص، أنت لا تعرفُ ماذا يعني أن تشاهدَ الحياة بعينِ كاتب لا تسَعهُ أبجديّتُه! #رُؤىٰ
_كلمة أخيرة لك للمجلة ولقراءها؟
أشكركم لأنّكم اخترتم الحديث عن هذه التّجربة، كانت أسئلة جميلة، شعرتُ بأنّني أجيب على نفسي، لا على سؤالٍ مُقترح.
وأخصّك بالشكر آنسة قمر الكاتبة والرّوائية والصّحفيّة على لطفك وتواضعك، وسُعدت جدًا بهذا الحوار الممتع.
أرجو أن تكون أجوبتي شافية، خفيفة.
كلّ الاحترام والتّقدير
_ومني أنا ومن كادر المجلة أجمع أتمنى لكِ كل التوفيق والنجاح.
المزيد من الأخبار
مبدعة أسيوط أمنية هاني نبيل في إستضافة خاصة بإيفرست
محمد الخالدي في ضيافة مجلة إيفرست
الكاتبة فاطمة ناصر تلج عالم إيفرست الأدبية