كتبت: نهال الإبراشي
“مدرسة الحياة”
الحياة كالبحر أحيانًا هادئة وأحيانًا تثور الأمواج فتدفعنا..
بعض الناس يقوى أمام التيار يستعين بالله ويقاوم حد الإنتصار.. والبعض يضعف وينهار فيغرق!
ما الفارق بين هذا وذاك؟؟ ما الذي يجعل شخص يقاوم وينجو والأخر يضعف ويهلك؟
من أهم أسباب النجاة هي التربية.. بالطبع الله سبحانه وتعالى هو المنجي من المهالك ولكن الله سبحانه أوصانا بالأولاد فقال تعالى ” يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ..
قال السعدي رحمه الله في تفسيره أي أولادكم عندكم وديعة قد أوصاكم الله عليهم لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية تعلمونهم وتؤدبونهم.
ومن أهم الأساليب التربوية التي تجعل طفلك قادر على مواجهة التيار هو إسلوب التربية بالتجارب الحياتية.
تبدأ التربية بالتجارب الحياتية منذ الصغر فالحياة رصيد من الخبرات فإذا أردت أن تزيد من رصيد أبنائك فعليك أن تبدأ معهم منذ الطفولة.
كيف نربي بالتجارب؟؟
لتحقيق هذا عليك اتباع بعض الخطوات:
الخطوة الأولى:
تقص عليهم ما يحدث معك من مواقف يومية مهما كانت صغيرة أو بها بعض العيوب أو التقصير فهذا لا يقلل من شأنك كأب بل بالعكس هو يعلو من قدرك في قلوب وعقول أبنائك..
مهما كانت الأحداث صغير يمكنك أن تخرج منها بمواقف تربوية عظيمة أو بغرس قيمة عليا في نفوس أطفالك أو تدربهم على حل المشكلات وطرق التفكير الأبداعية والتفكير المنطقي.
تحكي أم فتقول دخلت السيارة فوجدت أثار لفأر تحت المقعد شعرت بالغثيان والخوف ولكن كان علي الذهاب للعمل فلا مجال للخوف والتأخير في تلك اللحظة, وعندما عدت الى البيت قصصت على أولادي الموقف وكيف كانت مشاعري طول الطريق.. فكان رد فعل أبنتي أنها أحتضنتني وقالت أتفهم مشاعرك يا أمي فقد مررت بموقف صعب اليوم لكنك واجهتي الموقف وما جعلتي الخوف يتسبب في تعطيل يومك.
أما الأبن فقال علينا الأن بإيجاد حل لإخراج الفأر من السيارة وبدأ النقاش حول أفضل الوسائل المستخدمة لأإخراجه.
موقف يومي عابرو صغير خرجت منه الأم بأمور تربوية عظيمة..
أولها إقرار المشاعر احتواء الأخريين إظهار مشاعر الرحمة ببعضنا أن الأم ليست بالكائن الخارق فهي تخاف وتحتاج الى أحتواء أبنائها كما يحتاجون اليها وتعلم الأطفال من الموقف أنه حتى مع المشاعر السلبية علينا مواجهة العالم والسير في طريقنا دون توقف.
وثانيها تدريب الأطفال على إيجاد الحلول للمشكلات وكيفية التفكير المنطقي .
إذا أن تحكي لطفلك عن مواقفك الحياتية وكيف تتصرف في أحداثك اليومية يساعدك في شحن رصيد الطفل بالخبرات فيستطيع ان يستخدم تلك الخبرات في حياته المستقبلية.
الخطوة الثانيه
الغمر: أن تغمر طفلك في ممارسة الحياة بمعنى أن تحمله بعض المسئولية على حسب عمره..علينا أن نشجع أولادنا على ممارسة الحياة بشكل غير مباشر بعيدًا عن الأوامر والنواهي وذلك من خلال غمره في المواقف..
من المسئوليات الصغيرة التي يمكن أن نعتمد فيها على الطفل إرساله لشراء الطلبات من محل قريب مثلًا..
أتذكر يومًا أرسلت ابني لشراء بعض الخضروات وفي منتصف الطريق قطع منه الكيس فوقعت الخضروات على الأرض.. كنت أراقب الموقف من النافذة ولكنِ انتظرت قليلًا لأرى كيف سيتصرف في الأمروتعمدت أن لا يراني حتى لا يعتمد على في حل المشكلة.
بدأ بجمع الخضروات على يده ولكنها بالطبع وقعت مرة أخرى..وقف في صمت يتأمل حوله حتى رأى في نافذة قريبة منه امرأة فطلب منها بأدب أن تلقي له كيس يجمع فيه الخضروات وبالطبع ساعدته والقت له كيس فارغ .. عاد الى المنزل وهو يحكي مغامرته الصغيرة وكيف تصرف رأيت في عيونه فخر بأنه استطاع حل المشكله فدعمته وقلت أحسنت التصرف.
موقف صغير جدًا ولكنه غرس في نفس الطفل ثقة بأنه يستطيع المواجهه والتغلب على المواقف.
التربية بالمواقف الحياتية هي مدرسة الحياة أعظم مدرسة ممكن أن يلتحق بها الطفل لنخرج طفل يعيش الحياة عمليًا فلا يقرأ عنها فقط أو يتلقاها بشكل نظري من الكتب الدراسية.
سواء كانت مواقف المربي مع الحياة أو غمر الطفل ليعيش مواقفه الخاصة في كلا الحالتين هو رصيد خبرات يستعين به الطفل في حياته.
مقال أكثر من رائع