كتبت : ندا ثروت
كاتب شاب ذو عقلية فذه بالرغم من انشغاله في الطب لم يترك قلمه بسبب شغفه بالكتابة والترجمة؛ الكاتب الدكتور نور الدين علي وفي رحلة عن مسيرته الأدبية.
= من هو نور الدين علي؟
- حسناً؛هذا سؤال عميق، وأنا نفسي لا أعرفني، فكيف ستعرفني!
ولكن في المجمل لا يمكنني أن أعرّف نفسي، لأن التعريف يحصرك في عبارات محددة وزاوية محدودة، والمرء كل يوم في زاوية…
وأنا اليوم غير أنا الأمس، وغير أنا الغد، فالإنسان يغير جلده كل يوم، كسفينة بلوتارك، انطلقت في البحر، وكل فترة تغير أحد أجزائها، حتى إذا ما وصلت إلى البر الآخر أخيرًا، كانت كل أجزائها قد تغيرت!
فهل يمكننا أن نقول أنها نفس السفينة التي انطلقت، ثم وصلت؟ أم أنها سفينة أخرى من أجزاء أخرى؟
ولعل الإجابة القشرية التي قد ترضي بعض الشغف؛ هي أني أولًا طبيب بشري، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة جامعة عين شمس – وثانيًا مدونٌ علمي وكاتب روائي – وثالثاً مُترجم – ورابعاً أكتب الشعر على استحياء.
وكما قلت فإن هذا لا يعدو كونه ثلث جبل الثلج الذي يطفو فوق الماء…
= كيف بدأت مسيرتك الأدبية؟
- بدأ اهتمامي بالكتابة منذ أن كان عمري اثني عشر عامًا، كنت أكتب الشعر أولًا، وبعدها مقالات وخواطر، ومازلت أحتفظ حتى بدفتر يؤرخ تلك البدايات والتشبيهات والاستعارات الطفولية التي كنت أستخدمها.
= متى ظهرت موهبتك في الكتابة؟
- في عمر التاسعة عشر أعتقد، بدأت أخيراً أكتب على الملأ، وأعرض ما أكتبه لأقيم الآراء، وتفاجأت بكم التعليقات الإيجابية، التي ترى في نفسي “موهبة” لم أكن أبصرها، وشجعني الكثير من المجهولين المتابعين على أن أكتب عملاً أدبيًا وتوقعوا له النجاح، وهو ما حدث الحمد لله في مع روايتي الأولى “إلحاد” التي أحدثت بفضل الله صداً واسعاً…
= هل واجه الدكتور نور الدين صعوبات في بداية مشواره الأدبي ؟
- طبعًا، شيء أساسي؛ أصعب خطوة دومًا هي أول خطوة، فمن الصعب أن تجد صاحب دار نشر يؤمن بموهبة جديدة، ويراهن عليها بأمواله في ظل الوضع الإقتصادي الحالي؛ ولذلك أصبحت أغلب دور النشر للأسف تطلب مقابلًا ماديًا كي تنشر للكاتب وتضمن ربحها، وتحول الأمر لعملية تجارية بحتة، تخلو من الثقافة؛ لكن الحمد لله وفقني الله في النهاية واهتديت إلى دار نشر آمن صاحبها بي -بعد قراءة العمل- ونشرها دون أن يكلفني شيئاً، والحمد لله كانت الرواية بذرة أنبتت، وأثمرت له ولي…
= كيف وفقت بين حياتك الشخصية والكتابة؟
- الشغف… أنا أحب الكتابة لأقرأ، أحب اللغة وأقدسها. وبالنسبة لي الكتابة هي الوجه الآخر للحياة الشخصية، وهي المتنفس.
= بالنسبة لـ “نور الدين علي” من هو الكاتب الناجح؟ وما معايير نجاح الكاتب وأساليب الانتشار المطلوبة ليشتهر الكُتاب الجُدد من وجهة نظرك؟
- الكاتب الناجح هو الذي يتوفر فيه عاملان، أول عامل متعلق به نفسه، والعامل الثاني متعلق بالجمهور… العامل الأول هو أن يؤمن بنفسه وبموهبته، وأنه قادر على إحداث تغيير – أما العامل الثاني، فهو أن يجد لما يكتبه صدى في المجتمع والقراء.
أما يعني عن انتشار الكتاب الجدد؛ فالموضوع الآن أصبح أشبه بالبيزنس، من عنده متابعون أكثر (فولورز) – أو شخص مؤثر يعني كما يقولون (انفلونسر) – أو شخص يدفع لدار النشر، أو إن كنا سنستخدم العبارة الأكثر وضوحا يشتري دار النشر بماله… كل هذا نوع من الانتشار الرخيص.
أما الانتشار النفيس هو عن طريق إحداث أثر عصامي، سواء من خلال المسابقات، أذكر منها مسابقة إبداع للجامعات، ومسابقة نجيب محفوظ، وجائزة البوكر… وغيرهم الكثير. هذا هو الإنجاز والانتشار المستحق الحقيقي.
= هل الموهبة وحدها تكفي ليكون الكاتب ناجحًا؟ أم أن شخصية الكاتب والقالب الذي يضع نفسه فيه يلعب دورًا رئيسيًا في ذلك؟
- لا طبعا، الموهبة وحدها لا تكفي…
هي كالعضلة تتبع قانون use or lose، تستخدمها وتنميها أو تهملها فتفقدها.
وتنميتها لاشك بالقراءة الغزيرة (مرحلة جمع الرحيق) والكتابة بعد ذلك (مرحلة وضع العسل).
= شخص يتخذه الدكتور نور الدين قدوة في مجال الكتابة؟
- ليس لدي كاتبًا مفضلًا، بل أعمالًا مُفضلة.
= حدثنا عن كتبك؟ وهل شاركت في معارض عربية؟
- لي روايتان؛
رواية إلحاد (٢٠١٧) عن دار بصمة.
رواية بلا وجه (٢٠١٩) عن دار فاصلة.
- وقمت بترجمة كتابين؛
كتاب هلوسات لأوليڤر ساكس (٢٠٢١).
كتاب أعد برمجة مخك لـچون ب. أردن (٢٠٢٢).
وبفضل الله جميع أعمالي تشارك في جميع المعارض العربية الدولية.
من دعمك في مشوارك؟
- التشجيع كان يجيء دومًا من الأصدقاء والأهل والبعض في الدائرة المقربة… بعضهم مازال موجودًا، والآخر ترك الأثر ورحل؛ كعادة الحياة…
= في رواية إلحاد أنت تكلمت عن شخصية “الدكتور ع” كان في طريق أن يترك الدين تدريجياً، حتى وصل للنهاية، في وجهة نظرك ماهو السبب الأقوى للإلحاد؟!
- الدافع النفسي طبعًا… وأستاذنا الفاضل الدكتور عمرو شريف له باع في هذا المجال، وكتب كتاب “الإلحاد مشكلة نفسية” يشرح ويُشرّح فيه سيكولجية الملحدين.
-
والإلحاد في أغلب الحالات يكون ثورة نفسية ضد الدين وضد مفهوم الإله، لكنها تكون مقنعة بمبررات عقلية تخفي وراءها هشاشة نفسية أو حتى أمراض واضطرابات.
= عندما واجه البطل نفسه في فترة أعتقاله عرف أخطائه وبدأ يصلي، وعاد إلى إيمانه، هذه اللافتة كنهاية للرواية هل هي سيناريو واقعي، أم لمجرد إثبات أن الإنسان مهما ابتعد عن ربنا لابد له أن يرجع، أم هو مجرد حدث ينهي الرواية؟!
- أظنهم الثلاثة.
= في رواية بلا وجه البطل شاب جامعي مثل فئة كبيرة جداً من الجيل المعاصر، كيف يتجنب الشاب ما حدث لنادر؟
- رواية بلا وجه هي اجتماعية نفسية، ولعل من أهدافها التوعية بالأمراض النفسية ودور الطبيب النفسي..
بعض مجريات حياتنا نستطيع التحكم فيها، والبعض الآخر نحتاج إلى من يعيننا عليها، وهنا يأتي دور الدعم الأسري واحياناً المتخصص النفسي إن تطلب الأمر.
= في كتاب هلوسات لأوليڤر ساكس وأعد برمجة مخك لچون بي أردن، ما هي المعايير التي بتختار على أساسها مشروع ترجمتك، وماذا يميز مُترِجما عن الآخر؟!
- أنا شغوف بترجمة الكتب العلمية التي أحدثت تأثيرا في العالم الغربي، وبالتالي قد تحدث تأثيرا إن نقلت للعربية.
- أما عما يميز مترجمًا عن الآخر، هو شغف المهنة، البعض يمارسها فقط كوظيفة فيجيدها أو لا يجيدها، والبعض يمارسها بشغف، والشغف حتمًا يؤدي الإصرار وتعلم كل جديد، والدأب وراء الكلمة الواحدة لمعرفة كل جذورها، وقطعاً لابد لذلك أن يؤدي في النهاية إلى الإجادة.
= هل تعمقك في قراءة ودراسة الهلوسات أثر على رغبتك في كتابة شخصية جوهرية في رواية بلا وجه تعاني من الهلوسة؟
أنا منبهر بالمخ الذي قد يخلق عالماً لا وجود له في حالة الهلوسة… ويعيش حرفيا في هذا العالم… وأرى أن الأمر مذهل ومثير للفضول جدا.. ويمكن نسج مئات وربما آلاف القصص من خيوط هذه الفكرة.
لذلك أظن الإجابة على السؤال، نعم.
= هل يوجد لديك أي مشاريع قادمة؟!
إن شاء الله هناك خطة ومسودة لتأليف كتاب علمي مفاجأة، أعمل عليه منذ عام تقريبًا، وإن شاء الله يكون له صداِ طيباً…
وكذلك يوجد خطة لمجموعة قصصية، تكون أول باعي في مجال القصص القصيرة المنشورة.
= ما هي النصيحة التي ترغب في توجيهها للكتاب الشباب؟
- مارس ما تحب بشغف، واقرأ لتكتب؛ واجعل لنفسك غاية، فالإنسان في النهاية يموت، لكن كلماته تبقى… فاستبق منك الدرر.
المزيد من الأخبار
حلا حسّان بسيسيني في مجلة إيفرست الأدبية
حوار خاص لمجلة إيفرست مع المتألقة مريم علي محمد
حوار خاص لمجلة إيفرست مع المتميز محمد أشرف