الكاتب المبدع محمود توفيق في رحاب مجلة إيفرست الأدبية

Received 469721685126362

 

حوار: ندا ثروت

كاتب مبدع ذو قلم رائع وفكر حكيم يستطيع بكلماته جذب القراء حتى صار لها جمهور من محبيه يكتب لمن هم أضعف من الحياه وبداخلهم أجمل من العالم رسالته هي “أنا محاولة متواضعة لإعادة أنسنة الإنسان، محاولة متواضعة لإعادة الاعتبار للرحمة والمودة والتفاهم.” الكاتب المبدع “محمود توفيق”

 

 

_هل من الممكن أن تحدثنا عن نفسك؟

لا أحب أن أقدم نفسي بطريقة منمقة كما يتعارف الناس في لقاءتهم الرسمية، أحب أن أعرِّف نفسي كما عرفت نفسي: أنا مثل إنسان وجد ( لقية ) كما يقولون في العامية عمن وجد دفينة أو شيئًا مكنوزًا، وجدت لقية، ثم مكثت أفتش كل يوم عن شيء آخر بعد ذلك عند نفس البقعة أو حولها، غير أنني عجزت عن أن أجد شيئًا آخر من بعدها

كنت قد وجدت الكتابة، واندهشت، وفتشت مرة أخرى، ومرة، ولكن لم يكن هناك غير الكنز الأول، والأخير.

 

_لكل شخص بداية فكيف بدأت مسيرتك الأدبية؟

بدأ الأمر مبكرًا جدًا، بدأت المسيرة بحب غير معقول لتخيل عوالم أخرى، كنت مفتونًا بقوة التأليف، منذ السابعة، هذه كانت نقطة البدء، كانت داخلي، وكعادتي، فأنا مكثت فترة حتى أواجه العالم بالكتابة، كأني أواجهه بخطيئتي؛

أستطيع أن أقول إنه قد كانت هناك جولات محدودة موفقة، في فترة التنشئة، ولكن الأمر أخذ شكلًا جديًا مع ظهور المنتديات، وكنت أنا كالعادة أحب الشيء أكثر مما أُعلِن، لذا كنت أحاول الحفاظ على رباطة جأشي كهاو لا يريد أي شيء، ولا يحلم بأي شيء.. ونستطيع أن نقول إن الشبكة أعطتني دفعة حمس حقيقية، بينما كنت أنا منغمس في دور من يلهو بطريقة جميلة، كان الأمر شبيهًا بأن ينزل مدرس الألعاب الرياضية إلى الحوش ليحيي طفلًا صاحب أداء جيد، لم يكن يعرف أن الأستاذ كان يراقبه.

 

_هل من الممكن أن تطلعنا على أقرب اقتباس إلى قلبك سواء من كتاباتك أو من آخر؟

أحب هؤلاء الذين فعلت بهم الحياة ما فعلت، ورغم ذلك يمضون بآثار ضرباتها العميقة فيهم، بكل إصرار على المضي قدمًا ولو بخطوات مهتزة، رافضين الاستسلام، ومحاولين بكل استماتة على الطريق أن يكونوا في حذاء من لم يتعرضوا لمثل ما تعرضوا له، وأن يعوضوا الفوارق التي حدثت، ويتهربون من الشفقة مثلما يتهربون من الهزيمة.

هناك كثير من القصص التي نقرؤها لا تؤثر بنا، برأيك من أين الخلل هل هو من كاتب القصة أم المتلقي؟

جودة القصة لا تأتي غالبًا من الأبهة والتقنيات العالية، أعظم تقنية هي الإقناع، الإقناع لا يأتي فقط من كون القارئ يشاطر الكاتب الأفكار، الإقناع يأتي من انسجام مكونات القصة مع بعضها البعض، ويأتي من عدم وجود ما يبدو منحشرًا وسط عناصر القصة، الانحشار بسبب اختلاف بصمة اللغة في جزءٍ عن غيره أو بصمة الأسلوب أو بصمة الشعور، وبالتالي لا يشعر القارئ بالتعمد ولا بتدخل الكاتب، الإقناع يأتي من إخفاء الكاتب للأسلاك داخل عمله، وأن يجعل الأجزاء مرتاحة ولا يبدو أن واحداً منها قد دُفع بطريقة عصبية بين البقية، هذا يشبه حكمنا على عمل أي تقني، إذا خرجت الأسلاك من الشيء الذي كان يعمل عليه وأنهاه فأنت لا تعتبره متقناً، كذلك القصة، يجب أن يخفي الكاتب آثار عمله وصنعته، كأن القصة شيء واحد وليست مكونات وروابط، إذاً القصة الجيدة هي التي يقبلها القارئ عامة كفكرة وروح، هذا أولاً. ثم ثانياً لا يشعر أنه ود لو فكها ليعيد تجميعها بشكل أفضل، هو هذا الإصرار العجيب للنص كي يكون كما هو، كما لو كان كائناً حيًّا، النص يجب أن يهل على القارئ كشيخ أو فتاة أو طفل: في منتهى الوسامة، أو قبيحاً بدرجة ملفتة، لا يهم، المهم أن يهل عليه ككائن حي.

 

_هل تكتب لشخص بعينة؟ وهل تجد نفسك بداخل كتاباتك؟

لا أكتب لشخص بعينه، ولكن ربما أميل للكتابة عمن هم أضعف من الحياة، وما بداخلهم هو أجمل من العالم، ومع هذا، فأنا في أحيان كثيرة أتفنن في رسم شخصية الإنسان المستبد، كأني أراها من خلف النافذة بعين واحد ممن هم أضعف من الحياة، حيث يتسلل إلى مخيلتي حيرة الضعفاء من قوة الظالمين ومن ثباتهم.

 

_هل تتأثر بالنقد؟

أتأثر في حدود معقولة، ولكن من أراد أن يكتب للناس لابد أن يمتلك هذا النوع من الشجاعة، شجاعة أن يتحمل نقدًا سريعًا لأشياء كتبها كأنه كتبها حفرًا على قلبه، إن الأمر شبيه في بعض الأحيان بأن يكون معك أشياء صنعتها بيديك، وهي تستحق نظرة متأملة ومتعاطفة، أشياء بريئة وغير فجة، وأنت تعرضها وأنت على الرصيف على ركاب قطار يتحرك.

هناك من يقول أن زمن القصة القصيرة انتهى، وأن الرواية لها القدرة على التعبير والتواصل أكثر من القصة القصيرة مارأيك بذلك؟

حاولت أن أصدق أن هذا ليس صحيحًا، ولكنه للأسف صحيح.

 

_بنظرك ماهي أهم المهارات التي يجب توافرها لدى الكاتب؟

القدرة على استنطاق أي شيء، حتى قدرة القول التي يراها في الصباح على عربة خشبية مغروسة في القش. أي إنسان يستطيع أن يقول إنه كان على رأس الحارة، وقد كان هناك قدرة فول؛ أما الكاتب فهو الذي يجعل كل الأشياء التي يراها الناس تنطق.

 

_هل من الممكن أن تحدثنا عن أعمالك؟

أنتهز هذه الفرصة، وأفسح المكان لعمل واحد لم يأخذ حقه، كتابي: صاحب النبي، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو رواية تجمع بين ملامح الفن الروائي وكتابة السير بشكلها التقليدي.

 

_لكل كاتب رسالة فما هي رسالة الأستاذ محمود توفيق الأولى؟

أنا محاولة متواضعة لإعادة أنسنة الإنسان، محاولة متواضعة لإعادة الاعتبار للرحمة والمودة والتفاهم.

_هل لديك هوايات أخرى؟

لا شيء آخر قد أحبني.

 

_ما السؤال الذي كنت تنتظر طرحه عليك ولم تجده هنا؟

كنت أتوقع أي سؤال عن كتابي: لا تقتل الطفلة في زوجتك.

 

_ما هو انطباعك عن الحوار؟

مريح وسلس

 

_ماهي النصيحة التي ترغب في توجييها للكتاب الشباب؟

أن يقرأ الشاب ويقرأ، وأن يرفع سقف رضاه عما يكتب، أن يستمر في السباحة حتى بعد أن تعبت يداه، أن لا يتعامل في البدء مع الكتابة كصاحبة يثق بحبها له، لأن هذا سيحوله إلى شخص محدود واهم، باستثناء بعض الأفذاذ الذين لهم أن يتعاملوا مع الكتابة بهذه الطريقة.

 

_مارأيك في مجلة إيفرست الأدبية؟

حاضنة أدبية شبابية واعدة.

عن المؤلف