15 أكتوبر، 2024

أرضُ الفيروز

 

 

كتبت: آية تامر


حينما خطرَ ببالي هذا الاسم انشرح صدري ودبَّت السرور إلى قلبي وأصبح يخفقُ بالأمل والسعادة، أذكُرُ عزيزًا عليَّ حينما كان يُغازلُني يقولُ لي أنتِ صاحبة القلب الفيروزي في شموخِ القمم وعزةِ الأرض..
سَيناءُ الغالية ليست فقط جُزءًا لا يتجزأ مِنْ أرض مصر؛ بل هي قطعة مِنْ رُوحنا لا يُمكننا التخلي عنها، يا تُرى ما أصل أو سبب تسميتها بِأرض الفيروز؟
لأنها اكتسبت شُهرتها مِن مناجم النحاس والفيروز والمنجنيز الذي عدَّنهُ قُدماء المصريين في أرضِ الطور وعلى ذِكرِ أرض الطور لا يجوز أنْ ننسىٰ أنَّه تم ذِكرها في القُرآن الكريم أكثر مِن مرة فقد قال تعالى: «والطور، وكِتابًا مسطور» ومعروفٌ عن مصر أنَّها أرضُ المُعجزات، الأنبياء، والكُتُب السماوية؛ فقد ناجىٰ موسى عليه السلام كَليمُ الله مِنْ جبلِ الطور في سيناء «واخلع إنَّك بالوادي المُقدَّسِ طُوىٰ».
يوجد معدن الفيروز في جبال وادي المغارة، وسرابيت والصهو في قلبِ بلاد الطور.

 

لم تكُن سيناء تُسمَّىٰ بِهذا الاسم مُنذُ مئات السنين؛ حيثُ اختلف المؤرخون وعُلماء المصريين حول معناها وأصل تسميتها، وحاول البعض الوصول إلى الحقيقة.
ذكرَ البعض أنَّ معنىٰ سيناء هو الحجر وجاء ذلك بسبب كثرة الجبال فيها، بينما كان للبعض الآخر وجهة نظر مُختلفة حيثُ أكدوا أنَّ اسمها في الهيروغليفية القديمة كان “توشريت” أي أرض العراء، كما عُرفت في كتاب التوراة باسم “حوريب” أي الخراب؛ لكن بعد سنوات من البحث، أكَّد المؤرخين أن اسم “سيناء” أُطلق عليها بعدما اشتق من اسم الإله “سين” إله القمر في بابل القديمة، حيثُ انتشرت عبادته في غرب آسيا وخاصة “فلسطين”، ثم جمعوا بينه وبين الإله “نحوت” إله القمر المصري والذي كانت عبادته مُنتشرة.

 


وعُرفت باسم أرض الفيروز أيضًا بسبب معبد سرابيط الخادم في الجنوب، حيثُ سُجلت حملات تعدين الفيروز على صخور المعبد؛ لأن كل حملة كانت تتجه إلى سيناء لتعدين الفيروز مُنذ الأسرة الثالثة وحتى الأسرة العشرين، كانوا ينقشون أخبارها على الصخرة الكبيرة التي تعرف باسم “سربوط”.

 

كانوا قُدماء المصريين يستخرجون الفيروز من منطقة سرابيط الخادم ومن منطقة المغارة القريبة منه، ولا تزال حتى الآن بقايا عروق الفيروز التى استخرجها المصريون وأرسلت البعثات لاستخراج الفيروز والنحاس من سيناء منذ عهد الدولة القديمة.
وتم تحرير أرض سيناء مِن احتلال العدو الإسرائيلي في حرب أكتوبر المجيدة، وتظل الانتصارات تُذكَر على مر التاريخ،
ومازالت مصر تُعمر كُّل رُكنٍ فيها بِأهلها وحرصهم عليها وحمايتهم لها، وستظل شامخة تنتمي إلى أرض مصر الأبيِّة ومهما حاول الأعداء هدمها أو إحداثِ الخراب فيها لن يفلحوا.

عن المؤلف