14 ديسمبر، 2024

بعد منتصف الليل

 

كتب: محمد إبراهيم

منتصف الليل توقيت عجيب، تحدث فيه فواجع عدة، أحدهم ترك باب الثلاجة مفتوحًا، وآخر يشاهد التلفاز ويوقظ جيرانه، وتلك التقلبات الغريبة وضجيج المطابخ وأجواء الرعب التقليدية التي جسدت في هوليوود وفي أماكن عدة، هذه أمور اعتيادية لا نراها كثيرًا، ولكننا من نفعلها.
لكنى اليوم لا أحدثكم عن عادات مصاصي الدماء بعد هذا التوقيت، او كيف تقطع راس شقيقك بكل سهولة؟ هذا ليس حديث اليوم.
بعد منتصف الليل حينما يكون الجميع نيام، والهواء المنعش يدب الحياة في البشر الليلي
نعم نوع منا قد تأقلم، وقد تزاحم صباحه مع أعماله فقرر الهجرة للمساء سنكتشف بعض المهاجرين سويًا وسنتحدث الآن:
هجرني الحب ذات ليلة،
هذه الفئة الأولى هي الفئة التي خذلت وتجلس طول الليل باكية دون فعل أي شيء، تنتحب على فراق حبيب مليء بالعيوب وتدعي أنه ملاك قد هبط من السماء عليها؛ لتختلط مشاعر كره بحب بغضب بلا مبالاة مع تأثيرات عدم النوم المعتادة: كالهذيان وقول أشياء عجيبة، لقد أحببته وهو ينفث النار من أذنيه، مثل هذه الامور تجعلني منهمرًا في الضحك ولكن هذه الأمور تحدث في أماكن عدة، ولكن لما يظل المرء محاطًا بطيف شخص عابر لا يمثل أي منعطف مفيد في حياته هذه حقيقة محزنة

“سيأكلني الغول”

هذه الفئة يندرج بها الأطفال الصغار؛ فهنا نجد الطفل السمين عندما يحين موعد نومه وتغلق أضواء الغرفة يجد نفسه في حالة من الخوف والترقب، متسائلًا متى سيأكله الغول؟؛ فيسارع بالتخفي تحت فراشه وهو يرتعد من شدة الخوف حتى يأتي الصباح، وعند أول إشراقة للشمس من نافذة غرفته يغط في نوم عميق حتى تأتي الأم لإيقاظه ومن ثم تحذره وتوبخه من تكرار حادثة السهر هذه مرارًا وتكرارًا كأنه فيلم يعاد تكراره حتى يكبر الطفل ويقتنع ان لا شيء في خزانته، ولا يوجد شيء أسفل الفراش فقط هي أوهام لا أكثر.

“الأرق اللامتناهي”
هذه الفئة تنحصر فيها رجال الأعمال وأصحاب الاعمال اليدوية والحرفية فقد يبقون طول الليل دون نوم حتى الصباح من أجل أمور اعتيادية ولكنها تخيفهم فنجد رجل الأعمال شاردًا في إرتفاع أسعار الأسهم في السوق، ونرى أصحاب الأعمال اليدوية ينفخون في كوب شاي وهم يحدثون أنفسهم لم يكن العمل كثيرًا اليوم أسيكون الغد كذلك؟! وتجدهم يسارعون في ارتشاف العديد والعديد من أكواب الشاي والقلق يزرع ديچوره الخاص على أعينهم فيصيرون اشد ظلمة من الليل وأشد عنفًا من الحيوانات البرية، ولكن العيب ليس بهم فهذه الحياة القاسية
من أجل العمل؟
هذا السؤال سيجعلك إما تضحك، أو تتسائل معي، دعني أجبك بكل بساطة هناك من يعمل في هذا التوقيت وهؤلاء فئتان وليست فئة واحدة الأولى إما عمل عادي، وهذا ميعاده أو انه شخص يحاول زيادة دخله وهو صابر على هذا الأمر والفئة الثانية السارقون والنشالون يقتنصون فرصة الظلام والليل الدامس كما كان في العصور الجاهلية؛ فينقضون على اي عربة مارة في هذا التوقيت يعبثون بها وقد يقتلون اصحابها في سبيل إقتناص كل شيء يريدونه وهذه الفئة قد كثرت بيننا في اشد أوقات الضيق عندنا.
من منا يفعل المفيد؟
بعض إثارة الجدل ستفيدك فهذه الفئة تشكل معظم الشباب الذين لا يعملون ولا يطمحون؛ لنيل وظيفة مرهقة وإنما يريدون إمضاء أكبر قدر من الساعات في فعل اي امر بلا قيمة، ولكن ليس الجميع هناك من يسهر للمذاكرة والاجتهاد وهناك أشخاص يسهرون لفعل أمور لا فائدة منها مطلقا وهذا الأمر لا يجدي نفعًا وسنظل في ذات المتاهة لذا؛ لنتحدث قليلًا ولتسمعني بوجهين الوجه العاقل والوجه الديني
الوجه الديني
وقد صرح النبي_ صلى الله عليه وسلم_ بذلك لعبد الله بن عمرو وقد بلغه أنه يقوم الليل كله، ويصوم الدهر كله، ويختم القرآن في كل ليله فقال: [فلا تَفْعَلْ، قُمْ ونَمْ، وصُمْ وأَفْطِرْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا].

‏فمن حق الجسد الراحة ولذا لا تهمله مطلقًا، ‏أما بالوجه العاقل؛
‏فإن سهرت الليل فنم بالنهار ولكن لا تُضع فروض يومك ولا تُضع حياتك في العبث، اسهر طالبًا للعلم لفعل امر مفيد لا أكثر ولا أقل، ولا تضع نفسك في هذه الدوامة؛ فدوامة كهذه لا خلاص منها وإن لكل شخص منا واجب إتجاه الجميع؛ فلا نهدم جدارنا جميعًا من أجل ما تهواه النفس.

عن المؤلف