صراع فتاة

كتبت: إيمان محمد

 

المرأةُ هى الدرع القوى والضعيف بالمجتمع، فهى من تقم على تربية النشئ، ومنهم يأتى مجتمع جديد بأكمله، فأفكارها وحدها من تقيم كيان المجتمع، وهى الضعيفة التى تستسلم أحيانًا لذاك الضعف، فيضيع حقها وحق مثيلاتها، أو تجعله سلاحها لتأثر به غيرها.

لقد إنتشرت بصورة مرضيه أفكار تسىء إلى المرأة ككيان وكروح، فالتحكم بها كدمية بلا عقل، وإخضاعها لتقاليد لا تمت للأخلاق، أو الدين بشىء ما هو إلا قتل بالبطىء لروحها المسالمه، وإستخدام العنف معها يقتل بها إحساسها بالأمان، والرغبة فى الحياة، ولكن لا يمكن إنقاذ الإنسان مما هو مصيرى.

لدينا جميعاً قضايا مختلفة تخص المرأة، إما أن خُضناها شخصياً، أو سمعناها من غيرنا، أو حدثت أمامنا، وبكل مره نرى إمرأة تعانى من قسوة الرجل نرانا صامتين، مجرد متفرجين لا أكثر، وقد تشارك بعض النساء فى العنف ضد مثيلاتها بإتباع تقاليد حمقاء وضعها الإنسان بنفسه وإتبعها، فالفتاة بعمر الصبا لم تستطع الإستمتاع بطفولتها؛ لأن يد قاتله إغتالتها بالختان، فقتلت جزء من روحها، تبع ذلك دفعها للزواج الذى لا تعى ما يعنيه من الأساس بسن مبكر، وقد أصدرت الحكومة قانوناً لمنع زواج الفتيات قبل سن مناسب لها، ولكن الأهل يتحايلون على القانون، فتتزوج عرفياً حتى تتم هذا السن، فقد يتم عقد قرانها، ومعها أطفال! وبكل الأحوال أى ما كانت ستتعرض له من قسوة ومهانة، فهى تتحمله رغماً عنها بتلك الزيجة، فقط لكى لا تتطلق، لأنها إذا ما تطلقت قبل أن يتم عقد القران الرسمى، فليس لديها ما يثبت قانوناً هذا الزواج، فيضيع حقها، كما أنها إذا ترملت ستصبح بوضع أسوأ، وكأنها أصبحت ملكية خاصة لعائلة زوجها، قد يزوجونها لأخاه أو أحد أقاربه، فهى هكذا أصبحت سلعتهم الزهيدة التى يتاجرون بها كما يشاؤن، كما أن والدة الزوج تُعدها خادمتها المجانيه، وإضافة إلى كل هذا، فالزوج نفسه لا يُعدها سوى إحدى كماليات الحياة الضروريه.

تعانى الفتاة بسن صغير بهذا الزواج، من الحمل الذى قد لا يتحمله جسدها، وتصبح طفلة والدة لأطفال، لذا فهى غير مؤهلة لتربيتهم، مما ينشىء جيل ساذج يسهل إنقياده إلى هاويات الأفكار الشيطانيه التى تدمرهم الواحد تلو الآخر، ويخرج للحياة جيلاً ضعيف العزم عليلاً.

إنتشرت الجمعيات الحقوقية التى تطالب بحقوق المرأة فى التعلم، وإختيار سبيل حياتها، وإنقاذها من براثن العنف، سواء من زوجها، أو والدها، فهى مورثة من الأب إلى الزوج، وللأخ نصيب أيضا، ومن بعدهم الأبناء الذكور، الجميع يتحكم بمصيرها سواها، ولكن هل هذا يعنى أن كل من أوكلت مصيرها ليد رجل تعانى؟! الإجابة هى لا.

فهناك آباء لديهم القدرة على إنتزاع أرواحهم من أجسادهم؛ لأجل أبنائهم، وسيان لديهم إذا كان ذكر أن أنثى، وتلك ليست أساطير، فهناك نماذج كثيرة تؤكد أن الأب وهو الرجل الاول بحياة أى فتاة هو المؤثر فى حياتها بشكل صريح، إما بالإيجاب أو السلب، هناك فتيات تُعد الأب قدوة، وتندفع إلى النجاح ليفخر بها، وتنصت إلى رأيه بإهتمام، لأنه حقا يريد لها التفوق والسمو، وأخرى تركض هرباً إلى أبعد مكان عنه، وقد يكون عملاً شاقاً، أو زواجاً بدون تفكير فقط؛ لتتخلص من والدها أو قد تندفع إلى سبل الدمار، كذلك الحال مع الزوج، إذا ما دمر كل ما تمنته يوماً به، فيتحول من فارس أحلامها إلى شيطان كوابيسها المخيف.

خلاصة القول، أن القضية موجودة منذ الأزل، لكن لم يجرأ أحد على مناقشتها فى حين أتى الإسلام ليرفع قدر المرأة بصورة لم يتوقعها أحد، ولكن ما إن تشتت الناس عن دينهم، وخلقة السمح، حتى عادت تظهر تلك الصور مجدداً بلا رادع، ولذا يجب تشديد العقوبات على أى من ينتهك حق المرأة أى إن كان منصبه، ونشر توعية عن التعامل الحسن بين الناس، وعن مساوىء إنتشار العنف بهذه الصورة، وتوعية النساء لكيفية الإحتياط، والتصرف بهذه المواقف، كما يجب توعية السيدات بعدم الصمت عما يتعرضن له، أو يرين غيرهن يتعرض له من عنف، كما يجب أن يكفل القانون للمرأة حق الحياة الكريمة من دون الرجل اذا ما تم إنقاذها من أى صورة لهذا العنف، فبعضهن تتحمل وتظل هكذا فقط؛ لأنها إذا ما تركت زوجها سينفرها المجتمع، ولن تجد قوت يومها، لذا يجب توظيف كل السبل لإعالتها حتى لا تصمت عن هذا الذل.

عن المؤلف