مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

الفرق بين الحب والتعلق

بقلم الدكتورة/إسلام محمد

استشاريه الصحه النفسيه والإرشاد الاسري والزواجي ودكتوراه في التنميه البشريه وتطوير الذات وصاحبه كتابي (البحث عن الذات و كتاب طوظ)

يُعدّ الحبّ من أسمى المشاعر الإنسانية التي تمنح للحياة معناها الحقيقي، فهو حالة من النضج العاطفي والاتزان النفسي، يقوم على المودة والرحمة والتفاهم. أما التعلّق فهو عاطفة مضطربة تنشأ غالبًا من الفراغ الداخلي أو الخوف من الفقد، فيتوه الإنسان بين حاجته إلى الآخر وشعوره بالاعتماد الكامل عليه، حتى يفقد ذاته شيئًا فشيئًا.

الحبّ الحقيقي لا يسجن صاحبه في دائرة التملك، بل يحرره منها. فالمحبّ يُحبّ لأنّ وجود الآخر يُضيف لمعناه، لا لأنه يخاف أن يعيش بدونه. الحبّ يمنح الطمأنينة والسكينة، بينما التعلّق يزرع القلق والتوتر. في الحبّ نمنح دون انتظار مقابل، نُساند دون حساب، أما في التعلّق فنُطالب ونُحاسب ونتشبّث بمن نحبّ خوفًا من أن نفقده، لا حبًّا في أن نراه سعيدًا.

الحبّ علاقة ناضجة بين شخصين قادرين على الاستقلال العاطفي والفكري، كلٌّ منهما يُكمل الآخر دون أن يُلغيه. بينما التعلّق هو ارتباط غير صحي، يجعل الفرد يعتمد على الطرف الآخر ليشعر بقيمته ووجوده. فالتعلّق يُضعف الشخصية ويجعلها هشة أمام أي غياب أو تغير، أما الحبّ فيقوّي الطرفين لأنّه مبني على الاحترام والثقة والتقبّل.

إنّ الفرق الجوهري بين الحبّ والتعلّق يكمن في النية والشعور الداخلي؛ فالحبّ وعيٌ وراحة وسلام، أما التعلّق فهو خوف وقلق واحتياج. الحبّ يدفع الإنسان للتطور، ليُصبح أفضل نسخة من نفسه، أما التعلّق فيُقيده في دائرة من التبعية والانتظار.

ولكي نُحبّ بصدق، علينا أولاً أن نحبّ أنفسنا، أن نملأ فراغنا الداخلي ونستمدّ قيمتنا من ذواتنا لا من الآخرين. حينها فقط نكون قادرين على بناء علاقات صحيّة خالية من التعلّق، مليئة بالمحبة الحقيقية، التي تُزهر بالقلب وتُضيء الروح.