يا غياب الشوق الذي يحرق الروح واقفة بقلم عبدالعليم حمد الحاج
يا عزيزي، رحيلك ليس فقط غياب، إنه جرح ينزف في صمت الليالي الطويلة، يحوّل الدنيا كلها لخرابة هادئة مليانة أشباح الذكريات. من سمّاك غياب؟ كأنّه أحدّ يعرفف إنّ الغياب ليس فقط فراغ، بل هو عذاب يزيد الروح شوقه، يحرقها ببطء كنار تحت الرماد. لو يرتقي الحزن لعلى المصايب، كان رحيلك هذا نهاية العالم، موت يجمد الزمن في لحظة الانتظار، حيث تبكيك المدن بأضوئتها الخافتة، والبوادي بصمت رمالها التي تذكّر بأثر خطاك الذي اختفى. يبكيك الشجر بأوراقه التي تتساقط كدموع مكبوتة، والسحاب بغيومه الثقيلة التي لا تمطر، والقمر بضوئه الباهت الذي يبحث عن وجهك في السماء السوداء.
أنتَ، يا أقصى حالات الحضور المشتاق، يا منتهى الشوق الذي يقتل الروح واقفة، تموت مثل الشجر الذي يقاوم العاصفة ولكن لا ينحني. تموت واقف على قدميك، يا حليلك، يا من جعلت الدنيا تبكي في صمتها، وأنا هنا أنتظرك كالواقف على صحوة جياد الريح، في الزمن اللديح الذي يلديح الجراح ويجددها. ننتظرك على باب الحلم في غناك، حيث الريح تهمس باسمك، والنجوم ترسم خطوط عودتك في السماء. رحيلك شلّحت الدنيا، جعلتها عارية من ألوانها، ورتّب العالم البى هناك في الغيب، ولكني لازلت أقف أنتظر، أبحث عنك في كل نسمة، في كل صوت بعيد، في كل حلم يزورني بالليل.
يا غياب الذي يزيد الشوق، لو كان الحب يقدر أن يناديك، كان صاح بصوت يهزّ الجبال، يقول: عُدْ، يا من جعلتت الروح تئنّ في صمتها، يا من غيابه يحوّل الليالي لسجون مظلمة. المدن تبكيك بأزقتها التي صارت خالية، والبوادي بصمتها الذي يحمل صدى خطاك، الشجر يبكيك بفروعها اللي تلوّح للسماء كأنّها تطلب عودتك، والسحاب يبكيك بثقل غيومه التي لم تُسقط مطر الراحة، والقمر يبكيك بضيائه الذي يبحث عن عيونك في الظلام. أنتَ واقف في قلبي، تموت واقف على قدميك، يا حليل الروح التي تنتظر، ننتظرك في كل لحظة، على صحوة الريح التي تحمل ريحتك، في الزمن الذي يلديح الجراح ويجددها، على باب الحلم الذي غنّى باسمك، ننتظرك يا من رحيلك جعل الدنيا تئنّ من الفقد.
رحيلك مش نهاية، بل هو بداية شوق أعمق، يحوّل الغياب لنشيد يرنّ في الأعماق، يقول إنّ العودة قادمة، مهما طال الزمن. بنستناك، يا منتهى، يا اللي الغياب بتاعك بيحيي الروح ويقتلها في الوقت نفسه، وأنا هنا، أحرس الذكريات زي كنز، أنتظر اللحظة اللي ترجع فيها وتملأ الفراغ ده بنورك.






المزيد
كيف أتخلص من آلامي بقلم سها مراد
حين يتكلم الغياب بقلم/ عمرو شعيب
روميو وجولييت بقلم : سيّدة مالك