من سلسلةخواطر فتاة إسكندرانية بقلم إيمان يوسف أحمد
رحيل لا يشبه الغياب
الرحيل ليس دائمًا أن يتركك أحدهم ويمضي، أحيانًا نرحل نحن ونحن ما زلنا في المكان نفسه. نبتعد بصمت عن كل ما يؤذينا، نُطفئ الحنين في صدورنا ببطء، ونغادر دون حقائب لأن ما نحمله في القلب أثقل من أي أمتعة. لم أعد أخاف من الفقد يا بحر، بل من التعلّق الخاطئ… من أن أُعيد فتح بابٍ أغلقه القدر بيده، من أن أتمسك بما يجب أن أتركه.
تعلمت أن الرحيل لا يحتاج ضوضاء، يكفي أن تقول لنفسك: “كفى.”
كفى انتظارًا لمن لا يعود، وكفى تضحية لأجل من لا يقدّر. هناك لحظة لا يعود فيها التمسك فضيلة، بل عبئًا يُرهق روحك. حينها، عليك أن ترحل… لا هربًا، بل حفاظًا على ما تبقّى منك.
الرحيل ليس ضعفًا، بل قوة أن تعرف متى تنسحب بكرامتك. مؤلم؟ نعم. لكنه الألم الذي يُنقذك من وجعٍ أعمق. كل خطوة بعيدة عن الماضي تُعيدك إليك. كل وجع يُطفئك قليلًا لكنه يُضيء داخلك نضجًا وهدوءًا.
أنا فتاة إسكندرانية، تعلّمت من البحر أن الموج حين يبتعد، لا يعني أنه انتهى… بل يستعد ليعود أنقى وأقوى. لذا أرحل بصمت، أبتسم رغم الوجع، وأترك خلفي ما لا يستحق البقاء، مؤمنة أن بعض النهايات… رحمةٌ متنكرة في ثوب الفقد.






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد