كتبت: سهيلة آل حجازي
ككاتب لستَ مطالبًا بحل المشكلة أو معالجة القضية، أنتَ تطرح القضية بكافة جوانبها وأبعادها، ولست مطالبًا بحلها أو معالجتها؛ لأنك قاصر الرؤيا مهما كان اطلاعك عنها، والمعالجة ذات النظرة القاصرة للأمور تستجلب على المجتمع مشاكل جانبية لا حدَّ لها ولا حصر، الأمر ليس أنني ضد معالجة القضايا، لكن ما هنالك أن القضية الواحدة قد تستغرق عشرة أعوام لفهم جوانبها، ثم عشرة أخرى لإدراك أبعادها وخطورة تأثيرها، فماذا عشت أنتَ لتكتب عن قضية تحتاج على الأقل لعشرين عامًا مِن البحث في أعماقها ودراسة جوانبها، ما الثمرة التي ترتجيها وعقلك لا زال مأسورًا في القديم!؟
نعم، أعرف ما ستقولون، هناك مشكلات تُحل في عدة دقائق، لكنَّ الحقيقة أن الحل حلٌ ظاهري وليس باطنيًا، أنتَ لم تنجح في حل الجذور، فقط حللت الفروع، فتصبح كَمن أعطى لطالب مسألة رياضية لا حل لها مِن وجهة نظره، لكن الطالب يُدهشه باكتشاف حل لها، الأمر ليس ابتكارًا يا أصدقاء، كل ما هنالك أن الغمامة التي حوٌقت عين الطالب اُزيلت عنه، فاكتشف الحل، ومهما تعاظمت العلوم فإنها محدودة، وكذا عقل الإنسان مهما بلغ من مبالغ الفطنة والذكاء ونهل مِن مناهل العلوم والمعارف فهو عاجز؛ لذا فإن الكاتب ليس مثقلًا بمعالجة القضية بقدر ما هو مثقل بتوضيح أبعادها وجوانبها، فإن أبان الكاتب جوانب وأبعاد المشكلة، صار الأمر يسيرًا علي القارئ في فرض الحلول ومعالجة القضية، فلا أنتَ استخدمت أسلوب الواعظ، ولا كنتَ كَمن يعطي الحلوى للطفل فتصاب أسنانه بالتسوس، لكنك تصبح كَمن يعطي السم بالعسل، ثم يضع الترياق في ذات العسل فيعالج الأمر بطريقة غير مباشرة؛ حتى ليخيل للقارئ أنه هو مَن وجد الحل، والحقيقة أنكَ كنت السبب بعدما هداك الله إليه.
إذًا هناك فارق شاسع بين كاتب يعظ، وكاتب يضمن وعظه في حنايا ما كتب، الأمر لا يحتاج إلا لعبقرية مُركزة على هدف يا أصدقاء، كُن كمن يضع الترياق في ذات نوع العسل المسموم، ولا تكن واعظًا.
المزيد
قصص وحكايات: “الهرم الأول في التاريخ”
قصص وحكايات “الكنز الذي بداخلك”
محمد خطاب يكتب … هُدم البيت .. وبقي الباب مفتوحاً