متى تبدأ الطمأنينة حقًا؟
الكاتب : هاني الميهى
“ليست النجاة في الفهم، بل في القبول…
فبعض الأسئلة لا تُجاب، بل تُترك حتى تهدأ في القلب.”
🕊️ عن معنى الطمأنينة
في زمنٍ يعجّ بالضجيج، تُصبح الطمأنينة عملةً نادرة،
ويُصبح السكونُ ضربًا من الأحلام المؤجلة.
كلّنا نبحث عنها — تلك الحالة الغامضة من السلام —
حيث لا صوتَ للعقل يُخاصم القلب،
ولا معركة تُدار بين الشعور والمنطق،
وحيث ننام دون محاكمةٍ داخليةٍ تبدأ حين تُطفأ الأنوار
💭 حين نتعلم السلام بعد الخسارة
أجمل ما في الطمأنينة أنها لا تُشترى، ولا تُؤخذ من أحد،
بل تُزرع في الداخل بعد أن يمرّ القلب بكلّ ما يؤذيه.
هي لا تأتي في أول الطريق، بل في نهايته،
حين تُطفئ الحرب بينك وبين نفسك،
وتكتشف أنّ النجاة ليست انتصارًا على الآخرين،
بل سلامًا مع ذاتك.
كم من إنسانٍ ظنّ أن الحبّ هو المأمن،
فخاض بحاره بكلّ ما يملك،
ثم عادَ إلى شاطئهِ جريحًا،
فاكتشفَ أن الطمأنينة لا يسكنها أحد،
وأنّ الهدوء الذي كان يبحث عنه في عيون الآخرين،
كان يجب أن يبدأ في قلبه هو.
🌾 الطمأنينة لا تعني غياب الألم
الطمأنينة ليست أن تخلو من الألم،
بل أن تعرف كيف تضع الألم في مكانه الصحيح دون أن ينهش روحك.
أن تُدرك أنّ بعض الخسارات كانت بابًا للنجاة،
وأن بعض الوجوه التي ابتعدت،
حملت معها فوضاك القديمة لتمنحك ترتيبًا جديدًا.
في كلّ إنسانٍ ساحةُ حربٍ خفيّة،
بين الماضي الذي يُريد أن يعود،
والمستقبل الذي يُخيف،
وبينهما حاضرٌ يتوسّل قليلًا من السلام.
نحن لا نتغيّر حين نُحب، بل حين نتألّم،
ولا ننضج حين نُفكّر، بل حين نتعب من التفكير.
🌤️ متى تبدأ الطمأنينة حقًا؟
حين تصل إلى تلك اللحظة التي لا تُجادل فيها من خذلك،
ولا تشرح نفسك لمن أساء فهمك،
ولا تنتظر اعتذارًا، ولا تسعى لإثبات براءتك،
حينها فقط تبدأ أولى مراحل الطمأنينة.
الطمأنينة ليست نسيانًا للناس،
بل أن تتذكّرهم دون أن يوجعك حضورهم في ذاكرتك.
هي أن تبتسم بعد بكاءٍ طويل،
وأن تنام بعد سنواتٍ من السهر،
وأن تسامح لا لأنهم يستحقّون،
بل لأنّ روحك تستحقّ الراحة.
☕ الهدوء الذي يشبه النجاة
في كلّ مرةٍ يحاول العقل أن يُعيد فتح الجرح،
ذكّر نفسك أن النجاة لا تعني الفهم، بل القبول.
لن تجد إجابةً لكلّ ما حدث،
ولن تُصلح كلّ ما انكسر،
لكن يمكنك أن تعيش بسلامٍ رغم كلّ ما لم يُصلَح.
أحيانًا، يكفي أن تجلس بصمتٍ أمام نافذةٍ مفتوحة،
تشرب قهوتك، وتسمع أنفاسك،
وتقول في سرّك:
“نجوتُ من أشياءٍ كثيرة لم أكن أظنّ أنني سأنجو منها.”
تلك اللحظة هي تعريف الطمأنينة الحقيقي.
🌙 خاتمة
الطمأنينة يا صديقي، ليست في الهدوء الخارجي،
بل في أن تُصبح الفوضى داخلك أقلّ ضجيجًا.
أن تتقبّل أنك لا تملك السيطرة على كلّ شيء،
لكنّك تملك القرار أن لا تُهزم من أيّ شيء.
وحين تصل إلى هذا الإدراك،
لن تُخيفك خسارة، ولن تُغرّك مكسب،
ستعرف أنّ كلّ ما يأتي ويذهب ليس لك،
وأنّ ما كُتب لك سيجد طريقه إليك ولو بعد حين.
فلتطمئن…
ليس لأنّ الطريق سهل، بل لأنك صرت تعرف نفسك فيه،
ولأنّك أخيرًا تعلم أنّ السلام لا يأتي من الخارج،
بل يُولد من بين شظاياك، حين تتصالح مع فكرة أنك لم تكن يومًا كاملًا،
ولم تكن يومًا ناقصًا… كنت فقط إنسانًا يبحث عن طمأنينته.
📅 حقوق النشر محفوظة للكاتب: هاني الميهى – أكتوبر 2025
#هانيالميهى #كتاباتهانيالميهى #تأملات #طمأنينة #خواطر #نصوصعربية #أدبعصري #مجلةإيفريست






المزيد
حين يجتمع القلب بالقلب بقلم إيمان يوسف احمد
كيف أتخلص من آلامي بقلم سها مراد
حين يتكلم الغياب بقلم/ عمرو شعيب