كَتَبت: خلود سعد
انا جنين يَركِل في بطن امه في الرابعه صباحا يتغذى من حبل المشيمه ثم يخفوا في سائل هُلامي..
لا شيء غير طفل يحبو
ويتعمد صدم راسه في الارض حين يستاء ، ثم وُلِدَ يؤمن بالمشتريات الثقيله ويتفحص وجوه الناس في طريقه الى المدرسه ، يحتفل يوم شراء الموز.
من مراهق حزق فضولي العينين يَستدعي ما بداخله كل ليله من اذكار ، الى شاب ساخر ينتابه فرح مُفرِط في غُمره الحياه…
يعيش في الحارات القديمه ويتمدد على الارصفه.
ما انا سوى رجل مُرتب في العلن ، يعلم معنى انعدام الفارق بين اليوم والامس.. ثم ناضج يقع في حب المقاهي والراقصات .
سَبق ان فقد ايمانه بالحظ و ما تصنعه المصادقات ، فصار مُسناً لا يحترم الحياه ولكنه يرضخ لها ، أما الاكثر اهميه ان كل هذا يحدث الان بعد عده محاولات …
لذلك انا اول كلمه من كل مقطع :-
انا لا شيء مِن ما سبق..
أفكر كيف امكنني ان اتطور او انحدر لتلك الرغبه التي تعتبر فطريه في حياه العديدين ، لكنها تمتصني…
اما الاكثر دهشه هي كيف يتمسك كل هؤلاء بتلك القناعه الهشة يقفون عليها ثابتين كالواقف على حديد …
رغم اني انتمي لسلالة الطين الا ان رغبتي في الانتماء الى شيء لا يملك الشعور بالاحساس بالزمن …شيء مستقر …شيء بعيد كل البعد عن الاضطرابات..
تلك الرغبه المركبه هي التي تجعلني انشغل بفكره الوحده. يدهشني تصفيق حشود الجماهير الى فكره مبهمه وعلى اكثر تقدير ان سالت احدا عنها لاجاب :- الوطن هو الجغرافيا ، هو جواز السفر ، هو بطاقه الهويه ، هو الاصل والجذور ، هو الايمان ، هو التاريخ ، هو كل ما سبق…
فجميعها اجابات ملوثه باللاشي !!
هنالك شيء ما لم يعد صالحا لا يشكل قناعه ولكنه فقد شرط الايمان به للاستمرار… وكأن الوطن هو شيء محظور على الجميع …وكأنه مخلوق خرافي نسمع به ولا نشعر فيه!!
الواعون منا يعلمون اننا نتشبث بحبال من الهواء .. والجاهلون يتوهمون ان الهواء كتل من الحديد الصلب رغم انها تنهار في كل فتره !!
واكثر ما اقنعني هو كلام الاديب” نجيب محفوظ “(وطن المرء ليس مكان ولادته، بل هو المكان الذي تنتهي فيه جميع محاولاته للهروب .)
يحل لي احيانا حسد هؤلاء الذين يناضلون للقبض على النجوم وإزدرء قولي ، انا سائح صاحب في هذه الارض، ألاعب التراب واجمع الحجاره .
حتى قال لي البعض مرارا :- (ستموت بشرارة الصوان و تصبح ذكرى ، فالنار وقودها أمثالك و الحجارة ).
لست طفل الارض المدلل ، انا فقط احد الوافدين الى هذا المشهد ، لست كاتبهُ… لكن على الاقل اعيِّ دوري تماما… لا احبذ اطلاقا ان اصير قوس قُزح ، او غيمه ، او حتى جذور شجره التين… بل افضل الحجاره الصغيره الممكنه على الكواكب البعيده ، علاوة على ذلك يخيل لي ان عمري قصير وان الدرب المُفضي الى السماء يحتاج لعملاق يعيش الى الابد ، لذلك لا يُعنيني من الامر سوى جمال تلك المسافه ، وبَوحِي للمشيئه حينما يُصيبَني الارق …
كما اني أُفَضِل الجنه التي اصنعها في داخلي عن التي حدثني عنها جدي مثل ميلي الى المواطنه اكثر من الوطنيه التي تعلمتها في المدرسه ، والى دوله القانون على رؤيه الزعيم ، وصناديق الاقتراع على الشراعات الرنانه ، والحريه المكشوفه على الحدود المُغلقة ، وغيرهم من ثنائيات الارض والسماء.!!
انت محكوم بالهزيمه قالوا ، ونحن صامدون في معارك النصر المقدس.
انت مرهون للواقع ، ونحن اولياء المستقبل .
انهض من موتك المؤقت وجرد جسدك من ربطه العنق الباليه التي تسد عنك اتجاه الريح.
استطيع النطق مثلهم ، سأُحَمِّل حلمي سيفا واخوض معاركى مع ممالك الحِرَف ، امشي على خطوط الشمس طليقا ثم اركض قليلا في القصيده وانهض مجددا صارخا في وجه الظلام العنيد بعينين من ضوء …
ربما لا يعلمون ان ربطه عنق بالية اجمل من حبل مشنقه مصنوع من الذهب …لذلك لا أعتقد ان الفيل لا يستطيع الاختباء خلف نملة ، تلك النكته باتت قديمة و لا ادري لماذا يُصدقُها الكثيرون ..
نعم….لم تَمِسَّني النار ، لكني أيضا لم أمُت من شدة إرتطامي بالحجاره ..فهل إصطدموا هُم بأحد نجومهم ؟!
سألتهم ذات مره ولم يجيبوا الا من خلف الستار…
كثيرا ما يُحَملِقون اليها ، لكن ما شاهدتهم يوما يقبضون عليها ، وما قرأت مره عن احد صنع قلاده من النجوم _سوى في بعض الروايات اللاتينيه _ لذلك اجزم ان كَف ايديهم ما ما لمس غير الهواء..
سأخلع النص عني، حاملا حجارتي لأرتبها في التفاصيل المناسبه ، اما عنهم فيجب ان يعلقوا نجمه زرقاء في صدورهم فقط لاجل امر واحد فقط ، لا لشئ ، فقط لاني سأستمر في حسدهم ، لأجل أمر واحد فقط ، الوهم راحه ، أما الحجارة فثقيلة.
لولا أني احبكم ، لتركتكم منذ زمن ، ولكن وعود المحبة تقتدي الصبر ، فمن لم يكن بقدر وعده ، ما كان عليه نطقه..
العتاب يا أحبتي وفاء الود.
فعسى أن أكون بقدر كلمتي و أوفي حق المودة ، ولكن أنتبهوا !! فلربما بنهاية صبري و أسدائي لودكم ، أنسى ودكم من هجركم و جفاكم …فلا يبقى من هجركم الا أسداء دين الحبة ، ثم الرحيل المحتم..!!
وفي نهاية حديثي ..
لنا أحلامنا الصغرى ،مثل ان نصحو من النوم مُعافين من الخَيبة ، لم نحلم بأشياء عصيّة ، نحن أحياء و باقون و للحلم بقية..”
المزيد
حيرة مع الحياة – الكاتب عبدالرحمن غريب
الخروج من منطقة الراحة – الكاتبة مريم أشرف فرغلي
هذه دنيتنا بقلم آلاء محمود عبد الفتاح