لا تُحدِّق نحو السماء بوجهِ أرنب بقلم سيّدة مالك
إذ تقول الأخت لأختها : ما الذي يجعلنا ننظر إلى السماء بهذه الطريقة ، كمُتَحابّين ؟
كأختين عبرتْ من خلال قلبهما السُفن التي تحمل حيتانًا حبلى ، ما الذي يجعل المرء يطيل النظر ، أهي العيون الغائرة في وجوهِنا أم الحُلم ؟
لعلّنا تحدَّثنا عن ذلك ، ولم تسمع الأُذنُ اللعينةُ لإحدانا أوامر النهي من شفتي الأُخرى ، أو لعلّنا عُصاةٌ لم نتطّهر من الذنب ، أو مُتخَابِثتَين نبتت لهنَّ ذُيولُ حيواناتٍ سريّةٍ نُخفي بها إعجابَنا بالنُّجوم ، ولكن كل هذا لم يفلح في صَدّنا عن النظر الخفيف للأعلى عابرين رأسي ورأسها ، على إستحياء كما ينظر الصغير إلى أُمه وهي تُلقمهُ اللبن من شفتيها .
إذ ينبتُ الحبُّ من بين الشفتين .
قاطَعتُها إذ كانت تُفكِّر وقلت ما الذي سيخسرهُ المرء إذا شَرب الماء دون أن يجعل لغيرهِ سبيلًا ، وأقصد بغيرهِ اللبن الحامض ؟ قالت لن يجعله الماء يحبُّ أُمهُ ، ثم أضافت المحبّة بين الأبن والأم تنمو من خلال اللون الأبيض ، لون مياه العيون ، وريش الحمام ، والبط الضائع .
اذهبي نحو المنزل قُلت لها دون أن يفيض منكِ حلو الحديث ، ثم أخبري الأم أن تطعم صغيرها فصوتُ البكاء الذي يخصُّهُ يقطع تخثُّر الدم في جُرحي ، وهكذا قد أنزف حتّى الموت .
وأنتِ تُريدينَ شخصًا يشاركُك النظر إلى السماء .
فالإنسان وحيدٌ خارج ذاتهِ .
وحينما نظرتُ نحوها _ وللمرّة الأولى منذ ولادتنا _ تتقابل عيني مع عينها ، كنتُ مدهوشة ؛ فوجهُ أختي كان يُشبه الأرنب ، و من عُنقها تُقطِّرُ العَرَق ، لكنها ما زالت يقظة وتبدو متوتّرة ، قالت أنها ستذهب لكي تخبر الأُم أن تُسكِت طفلها الوحيد حتى يتخثّر دمي بسلام .






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد