مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

لا تحدق نحو السماء بوجه أرنب بقلم سيدة مالك

لا تُحدِّق نحو السماء بوجهِ أرنب بقلم سيّدة مالك

 

 

إذ تقول الأخت لأختها : ما الذي يجعلنا ننظر إلى السماء بهذه الطريقة ، كمُتَحابّين ؟

كأختين عبرتْ من خلال قلبهما السُفن التي تحمل حيتانًا حبلى ، ما الذي يجعل المرء يطيل النظر ، أهي العيون الغائرة في وجوهِنا أم الحُلم ؟

لعلّنا تحدَّثنا عن ذلك ، ولم تسمع الأُذنُ اللعينةُ لإحدانا أوامر النهي من شفتي الأُخرى ، أو لعلّنا عُصاةٌ لم نتطّهر من الذنب ، أو مُتخَابِثتَين نبتت لهنَّ ذُيولُ حيواناتٍ سريّةٍ نُخفي بها إعجابَنا بالنُّجوم ، ولكن كل هذا لم يفلح في صَدّنا عن النظر الخفيف للأعلى عابرين رأسي ورأسها ، على إستحياء كما ينظر الصغير إلى أُمه وهي تُلقمهُ اللبن من شفتيها .

إذ ينبتُ الحبُّ من بين الشفتين .

قاطَعتُها إذ كانت تُفكِّر وقلت ما الذي سيخسرهُ المرء إذا شَرب الماء دون أن يجعل لغيرهِ سبيلًا ، وأقصد بغيرهِ اللبن الحامض ؟ قالت لن يجعله الماء يحبُّ أُمهُ ، ثم أضافت المحبّة بين الأبن والأم تنمو من خلال اللون الأبيض ، لون مياه العيون ، وريش الحمام ، والبط الضائع .

اذهبي نحو المنزل قُلت لها دون أن يفيض منكِ حلو الحديث ، ثم أخبري الأم أن تطعم صغيرها فصوتُ البكاء الذي يخصُّهُ يقطع تخثُّر الدم في جُرحي ، وهكذا قد أنزف حتّى الموت .

وأنتِ تُريدينَ شخصًا يشاركُك النظر إلى السماء .

فالإنسان وحيدٌ خارج ذاتهِ .

وحينما نظرتُ نحوها _ وللمرّة الأولى منذ ولادتنا _ تتقابل عيني مع عينها ، كنتُ مدهوشة ؛ فوجهُ أختي كان يُشبه الأرنب ، و من عُنقها تُقطِّرُ العَرَق ، لكنها ما زالت يقظة وتبدو متوتّرة ، قالت أنها ستذهب لكي تخبر الأُم أن تُسكِت طفلها الوحيد حتى يتخثّر دمي بسلام .