مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

كتابى مرآ ة اسرارى/ بقلم/سعاد الصادق

كتبت /سعاد الصادق

يا كتاب الأسرار، يا مرسى الحكاياتِ القديمة،
كم ضمَّكَ قلبٌ تعبَ من الدورانِ في بحارِ الأسئلة،
يقرأُ فيكَ ما لا تُفصحُ بهِ العيون،
ويُصغي إلى صمتِكَ كأنَّهُ صوتُ الوجودِ حينَ يُناجي خالِقَه.

فيكَ سطور ليسَ سرا ، بل نُورٌ تَخفّى في عباءةِ الغيب،
وفي صفحاتٍ تنسجُ الرؤى خُيوطَها،
كأنَّها الأقدارُ تميلُ نحوَ من يُحبّونَ الانتظارَ بصبرِ العارفين.

يا كتاب فكرى ، يا سِجلَّ الهمسات،
كم مرّتْ فيكَ أنفاسُ عاشقٍ،
يُرتّلُ حنينَهُ كما يُرتّلُ الدراويشُ أسماءَ اللهِ
ويرى في كلّ ذَرّةٍ من رُسومِكَ طريقًا إلى مقامِ الفهمِ العميق.

رأيتُ في سطورك بحرًا ساكنًا،
وفي أطرافِكَ جبالَ خوفٍ تتهدَّجُ تحتَ مطرِ الأمل.
كأنَّ الروحَ تُصارعُ ما بها،
وتنهضُ في كلّ مرّةٍ من رمادِها كي تُعلِنَ: “ما زلتُ حيًّا، وما زلتُ أُحبّ”.

يا كتاب فكرى ،
كم أسررتَ من وعدٍ لمن أخلصَ الدعاء،
وكم قلتَ بصمتِكَ:
“لا ضياعَ لخطوةٍ في سبيلِ من قصدَ وجهَ النورِ، ولو تاهَ ألفَ مرّةٍ في الظلام .”

فيكَ رأيتُ وجوهًا تُشبهُ الغياب،
وعيونًا تُسافرُ من زمنٍ إلى زمن،
وأنا بينَ سُطورِكَ أتلمّسُ نفسي،
كأنّي أبحثُ عنّي بينَ بقايا فكرٍ ذابَ في بخارِ الحنين.

ما أجملَكَ حينَ تبوحُ بلا كلام،
وحينَ تُعلّمُ القلبَ أنَّ في المرارةِ سرًّا لا يُدركُهُ إلا من ذاقَ،
وأنَّ الطريقَ إلى الصفاءِ يمرُّ دائمًا من فنجانٍ مُرٍّ،
ثمّ يهدأُ كالماءِ بعدَ الغليان.

يا كتاب الروحِ، يا مرآةَ التعبِ الجميل،
إنّي قرأتُكَ بقلبي لا بعيني،
فوجدتُكَ تقولُ:
“من أحبَّ اللهَ، صارتْ كلُّ الدنيا طيّبة بعينهِ،
ومن صدقَ في الطريق الحب،
صارَ رمادُ خوفهِ صلاة.”