مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

حين بكتْ السماوات بقلم فراس النابلسي 

يا من تسلّلتِ من الأنجمِ سِرًّا، كالنورِ في محرابِ قلبٍ باكي

يا من سكبتِ على القصيدةِ رعشةً ، كالوَجدِ فوقَ شِفاهِ طفلٍ شاكي

 

عيناكِ؟ لا… بل نافذتانِ على المدى ، فيهِ الفصولُ تتيهُ دونَ حِراكِ

وفي رمشكِ المُلقى، تكسّرَ زمزمي ، وتهدّمتْ أنقاضُ صبري الباقي

 

يا أنشودةً حنّتْ لها أوتارُنا ، حتى ارتعشْنَ على صدًى واشتباكِ

أأنتِ قُبلةُ عشقِ كلِّ كواكبٍ؟ ، أم دفقةُ الإيمانِ في الأفلاكِ؟

 

أأنتِ ذاكرةُ الورودِ بعطرها؟ ، أم صوتُ أنثى في دعاءِ شِباكِ؟

فيكِ اختبأتُ، كأنّني وطنٌ سرى ، من غربتي نحوَ التهاني الباكي

 

كلُّ الحروفِ إذا مررتِ تفتّحتْ ، مثلَ النبوءاتِ الغريقةِ راقي

فكأنّ صوتكِ في الدُّجى تراتيلٌ ، من خلفِ أستارِ الغيابِ الشاكي

 

أنا حينَ لامستِ الحنينَ بأهدبٍ ، صرتُ البكاءَ، وصارَ صمتيَ حاكي

وغدوتُ سطرًا ضاعَ في صفحاتِنا ، مكتوبَ شوقٍ من دُموعِ ملاكِ

 

هل كنتِ فجرًا جفَّ قبلَ ولادةٍ؟ ، أم جُرحَ عمرٍ خافَ ضوءَ عناقِ؟

أم أنّكِ المأوى الذي إن زلزلتْ ، كلُّ الدروبِ، أويتُ فيه شتاتي؟

 

يا من سكبتِ الوقتَ في أكفانِنا ، وعلّقتِ الأعمارَ في أحداقي

أنا دونَكِ لا شيء… بل ظلّ انطفى ، في مِرآةِ ذاكرةِ الغيابِ المُعاقي

 

خُذي نبضيَ المهزومَ، علّكِ تزرعينْ ، منّي بساتينَ الهوى البسّاقِ

وأعيديني طفلَ دمعٍ ضائعٍ ، في حضنِ أمٍّ… لا تجيدُ فِراقِ

 

ابقَي… فكلُّ الحُسنِ دونكِ خرافةٌ ، لا تُروى إلا في جحيمِ اشتياقي

وإذا رحلتِ، فإنّ موتيَ آتٍ ، فالروحُ أنتِ… وباقي الناسِ حراقي

 

دعْني أموتُ إذا افترقنا لحظةً ، فالحبُّ موتٌ لا يلينُ فِكاكِ

إني نزفتُكِ فوقَ كلِّ قصائدي ، حتى جفاني الحرفُ في أوراقي

 

صرتُ اشتريكِ بمهجتي، وبلهفتي ، وبكيتُ عمرًا من جراحِ شِقاقي

ما كان قلبي قبلَ عينيكِ نبيًّا ، حتى تنبّأ بالهوى الخفّاقِ

 

يا من بها يتلو المساءُ صلاتَهُ ، وتُقيمُ صبحَ العاشقينَ بذاكِ

يا أُغنيَةَ الضوءِ المخبّأ في دمي ، كيف اتّسعتِ كدمعةِ المشتاقِ؟

 

سافرتُ فيكِ… فما انتهى ترحاليَ الـ ، مدهوشِ بينَ تفرّعِ الآفاقِ

كلّ الزمانِ تكسّرَتْ ساعاتهُ ، مذ قلتي: أحبّكْ… ثمّ دونَ نِفاقِ

 

ما عاد بعدكِ من بقاءٍ يُرتجى ، أنتِ البدايةُ، والختامُ الباقي

عشقتكِ حتى صرتِ فوق يقينهم ، سرًّا يُغنّى في دعاءِ العِشاقِ

 

دعي الكواكبَ في فمي، لا تُطفئي ، لهفَ الرغيفِ المبلّلِ باشتياقِ

أنا من كتبتكِ في عيونِ الليلِ ، حتى أزهرتْ منّي نجومُ فِراقي

 

أنا من عشقتكِ لا كعاشقِ وردةٍ   بل كالحروبِ لرايةِ العشّاقِ

كالأرضِ تحتَ الغيثِ ترجفُ خاشعةً ، كالطفلِ يرجو دفءَ أمٍّ باكي

 

فامكثي… لا ترحلي… فالعُمرُ أضلعُكِ ، وأنا عروقُكِ، والحنينُ سواقي

لو تغمضينَ القلبَ عنّي لحظةً ، أمحُو وجوديَ، وأغرقُ في اختناقِ

 

فكوني كما شاءتْ صلاتي وردةً ، تُتلى على كفِّ الدعاءِ الباقي

وامسحي عن وجهيَ المدى، إنّي أنا ، ذاكَ الغريقُ، وعينُكِ الإنقاذي