يا من تسلّلتِ من الأنجمِ سِرًّا، كالنورِ في محرابِ قلبٍ باكي
يا من سكبتِ على القصيدةِ رعشةً ، كالوَجدِ فوقَ شِفاهِ طفلٍ شاكي
عيناكِ؟ لا… بل نافذتانِ على المدى ، فيهِ الفصولُ تتيهُ دونَ حِراكِ
وفي رمشكِ المُلقى، تكسّرَ زمزمي ، وتهدّمتْ أنقاضُ صبري الباقي
يا أنشودةً حنّتْ لها أوتارُنا ، حتى ارتعشْنَ على صدًى واشتباكِ
أأنتِ قُبلةُ عشقِ كلِّ كواكبٍ؟ ، أم دفقةُ الإيمانِ في الأفلاكِ؟
أأنتِ ذاكرةُ الورودِ بعطرها؟ ، أم صوتُ أنثى في دعاءِ شِباكِ؟
فيكِ اختبأتُ، كأنّني وطنٌ سرى ، من غربتي نحوَ التهاني الباكي
كلُّ الحروفِ إذا مررتِ تفتّحتْ ، مثلَ النبوءاتِ الغريقةِ راقي
فكأنّ صوتكِ في الدُّجى تراتيلٌ ، من خلفِ أستارِ الغيابِ الشاكي
أنا حينَ لامستِ الحنينَ بأهدبٍ ، صرتُ البكاءَ، وصارَ صمتيَ حاكي
وغدوتُ سطرًا ضاعَ في صفحاتِنا ، مكتوبَ شوقٍ من دُموعِ ملاكِ
هل كنتِ فجرًا جفَّ قبلَ ولادةٍ؟ ، أم جُرحَ عمرٍ خافَ ضوءَ عناقِ؟
أم أنّكِ المأوى الذي إن زلزلتْ ، كلُّ الدروبِ، أويتُ فيه شتاتي؟
يا من سكبتِ الوقتَ في أكفانِنا ، وعلّقتِ الأعمارَ في أحداقي
أنا دونَكِ لا شيء… بل ظلّ انطفى ، في مِرآةِ ذاكرةِ الغيابِ المُعاقي
خُذي نبضيَ المهزومَ، علّكِ تزرعينْ ، منّي بساتينَ الهوى البسّاقِ
وأعيديني طفلَ دمعٍ ضائعٍ ، في حضنِ أمٍّ… لا تجيدُ فِراقِ
ابقَي… فكلُّ الحُسنِ دونكِ خرافةٌ ، لا تُروى إلا في جحيمِ اشتياقي
وإذا رحلتِ، فإنّ موتيَ آتٍ ، فالروحُ أنتِ… وباقي الناسِ حراقي
دعْني أموتُ إذا افترقنا لحظةً ، فالحبُّ موتٌ لا يلينُ فِكاكِ
إني نزفتُكِ فوقَ كلِّ قصائدي ، حتى جفاني الحرفُ في أوراقي
صرتُ اشتريكِ بمهجتي، وبلهفتي ، وبكيتُ عمرًا من جراحِ شِقاقي
ما كان قلبي قبلَ عينيكِ نبيًّا ، حتى تنبّأ بالهوى الخفّاقِ
يا من بها يتلو المساءُ صلاتَهُ ، وتُقيمُ صبحَ العاشقينَ بذاكِ
يا أُغنيَةَ الضوءِ المخبّأ في دمي ، كيف اتّسعتِ كدمعةِ المشتاقِ؟
سافرتُ فيكِ… فما انتهى ترحاليَ الـ ، مدهوشِ بينَ تفرّعِ الآفاقِ
كلّ الزمانِ تكسّرَتْ ساعاتهُ ، مذ قلتي: أحبّكْ… ثمّ دونَ نِفاقِ
ما عاد بعدكِ من بقاءٍ يُرتجى ، أنتِ البدايةُ، والختامُ الباقي
عشقتكِ حتى صرتِ فوق يقينهم ، سرًّا يُغنّى في دعاءِ العِشاقِ
دعي الكواكبَ في فمي، لا تُطفئي ، لهفَ الرغيفِ المبلّلِ باشتياقِ
أنا من كتبتكِ في عيونِ الليلِ ، حتى أزهرتْ منّي نجومُ فِراقي
أنا من عشقتكِ لا كعاشقِ وردةٍ بل كالحروبِ لرايةِ العشّاقِ
كالأرضِ تحتَ الغيثِ ترجفُ خاشعةً ، كالطفلِ يرجو دفءَ أمٍّ باكي
فامكثي… لا ترحلي… فالعُمرُ أضلعُكِ ، وأنا عروقُكِ، والحنينُ سواقي
لو تغمضينَ القلبَ عنّي لحظةً ، أمحُو وجوديَ، وأغرقُ في اختناقِ
فكوني كما شاءتْ صلاتي وردةً ، تُتلى على كفِّ الدعاءِ الباقي
وامسحي عن وجهيَ المدى، إنّي أنا ، ذاكَ الغريقُ، وعينُكِ الإنقاذي






المزيد
نهاية عام وبداية أخر بقلم فاطمة فتح الرحمن أحمد
القوات الجوية بقلم حسام حسن
دنيا غريبة بقلم مريم الرفاعي