كنت أبحث عن شمس، فوجدت مدينة كاملة تحت قدميّ، يحرّك أشعتها رجل يعرف كيف يقيس المسافة بين الحلم واليقظة… وبدون تردد عبرتُ الحدود إلى عالمها دون ختم على الجواز. النهار نفسه كان دليل العبور، يمد لي دفترًا برائحة الزهور، ويقول: “وقّع هنا… رحلة بلا عودة مضمونة.” توقيعي كان حرفًا من نورِ روح لا يتقن التلوين. أول ما صادفته، طريق مُبلَّط بعبارات تلمع مثل نجوم سقطت من سماء قديمة: “يا لك من شجاع… يا لك من مبدع… كم أنت رائع” كل جملة بابُ حديقة، وكل حديقة تفتح على مشهدٍ آخر: الشمس تشرق كهديةٍ منقوشة باسمك، الغيوم مصطفة على صفحة السماء كشهادات تقدير خاضها عنك وأنت مستيقظ، النور يمدّ لك يدًا من أملك القديم، ويبتسم بوجوه أحببتها ولم تغب. أمشي… وأمشي، وحوائط العالم تميل نحوي كأنها تريد أن تبوح بسرّها. على اليمين نافذة الماء— بحر يتقن التسلل إلى قلبك دون أن يفيض، وعلى اليسار مرآة يرى منها العشاق أحلامهم وقد استدارت لتجلس بجانبهم في الحديقة. أسمع صوت الشاعر في الخلفية، لا يشرح ولا يعظ، فقط يدير الأنوار على نحوٍ يجعل الخطوة التالية اكتشاف. وفي منتصف الطريق، يخلع الزمن قناعه ويضعه في كفك: “هنا لا نحتاج للظلام كي نعرف أننا أحياء… النهار يعرف.” أنت تتبعه. لا لأنك تثق، فقط لأنك لا تريد أن تفوّت لحظة اكتشافه القادمة. في آخر الحديقة، يترك لك العالم نافذة بعلو الركبة. تطل منها فلا ترى نهايته، وإنما ترى موضعًا كان يجب أن تجلس فيه منذ زمن. المشهد الأخير؟ مائدةٌ عليها شمعة، يهمس لك: “عد متى أردت… الأديب لا يغيّر مقعد ضيفه.” هناك كتاب يهتدون بالشمس… وكتاب يجبرون الشمس أن تهتدي بهم. والشاعر من الفئة الثانية، ومن يجلس على مقعده يعرف أن الأدب هنا حقيقي، وأن الإبداع… جواز عبور للخلود. وفي هذا العالم، يصبح الكلام لغةً أخرى، لغةً لا تحتاج إلى ترجمة، بل إلى قلبٍ مفتوح. القلب هنا هو المترجم، والعقل هو المستقبل. كل كلمةٍ تُقال، تُصبح شمسًا تشرق في الروح، وكل جملةٍ تُكتب، تُصبح نجمًا يلمع في الفكر. الأدب هنا ليس مجرد كلماتٍ على الورق، بل هو حياةٌ تُعاش. الحياة هنا ليست مجرد أيامٍ تُحسب، بل هي لحظاتٌ تُخلد. اللحظات هنا هي التي تُحرك القلوب، وتجعلها تنبض بالحياة. الحياة هنا هي التي تُعيد تعريف الكلمات، وتجعلها تحمل معاني جديدة. الكلمات هنا ليست مجرد ألفاظٍ تُقال، بل هي أبوابٌ تفتح على عوالم جديدة. العوالم هنا ليست مجرد أماكن تُزار، بل هي تجاربُ تُعاش. التجارب هنا هي التي تُشكل الشخصية، وتجعلها تنمو وتتطور. الشخصية هنا ليست مجرد صفاتٍ تُوصف، بل هي روحٌ تنبض بالحياة. الروح هنا هي التي تُحرك الجسد، وتجعلها تنبض بالحياة. الجسد هنا ليس مجرد جسدٍ يُشعر، بل هو روحٌ تنبض بالحياة. الجسد هنا هو الذي يُعبر عن الروح، ويجعلها تظهر في الوجود. الوجود هنا ليس مجرد وجودٍ فيزيائي، بل هو وجودٌ روحي.
جواز عبور إلى سماء النهار بقلم رويدا جمال أحمد






المزيد
كيف أتخلص من آلامي بقلم سها مراد
حين يتكلم الغياب بقلم/ عمرو شعيب
روميو وجولييت بقلم : سيّدة مالك