مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

بيتى الذى أحب/بقلم/دعاء ناصر

 

كتبت /دعاء ناصر

أقطع الشوارع الواحد تلو الآخر،أجتاز الأرصفة العالية والمنخفضة ،بثبات منهك حتي أستطيع المواصلة .

.التوقف وحده ولو كان كأستراحة قصيرة يشعرني بالتعب، ومدي الألم النابض في قدماي أثناء العودة لبيتي ..

في العادة أمكث في بيتي طوال الأسبوع عدا يوم الجمعه، الذي ازور فيه أهلي ،إلا لو كان الأمر ضروريا كالتسوق أو حضور مناسبة ما حينها أضطر للنزول ..

أعتدت علي هذا الأنعزال طوال حياتي بمحض رغبتي، حتي أنني أجد صعوبة في التعامل خارج حدود بيتي .

كما لو أن الجدران تناديني، أنهي ما خرجت من أجله فأعود سريعا أتنفس، ممتنة لله علي نعمة الجدران والباب المغلق .

في أيام كثيرا لا أنكر أنني أشتاق للمشي في الطرقات والأزقة ، والتجول داخل المولات، والعبور أمام الواجهات الزجاجية لمحلات الملابس والذهب ..

. يمكنني هكذا أن أتخفف من الضغوط التي تثقلني، عندما أدلف لمتجر مستحضرات تجميل ،دقائق من النشوة والبهجة تتسرب عبر مساماتي بين أرفف العطور التي تضوع بالرائحة.

.هنا يتوقف بي الزمن ،يتجمد العالم خارج حدود هذا المكان، لا ينتشلني إلا رنين هاتفي، فأدرك أن أمضيت أكثر مما ينبغي بالداخل.

أودعه بلقاء قريب، ويودعني بعدما أهداني قنينة عطري المفضل، وطلاء أظافر وردي ،و كحل أسود ، و بصمات تجربيبة ملونة علي ظهر يدي لدرجات البينك الفاتح لطلاء الشفاه المفضل .

أحيانا أكتفي بالجلوس علي أحدي مقاعد مقهي جانبي، علي قارعة الطريق ،يبتلعني الصمت في جوفه، أنشغل عنه بمراقبة المارة، والسماء، والبنايات العالية ..

أرمي بصري علي الغرف المضاءة ،والمظلمة، أتخيل ساكينها .

هل منحتهم الحياة ما يريدون لا كما تريد هي ؟ أم سلبتهم أنفسهم التي تجعلهم حتي يمقتون الحياة نفسها؟.

ربما يكون العالم الخارجي مكان لايناسب شخصيتي -لن اقول الأنطوائية -ولكن اميل للعزلة.

المكان الأكثر طمأنينة بين الكتب التي أصادقها، وفناجين القهوة التي تمنحني الهدوء، وتعلمني كيفية الرغبة في البقاء رغم مرارة الحياة وقسوتها كفعل مقاومة.