الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب بقلم الكاتب هانى الميهى
الفصل الرابع عشر: دروس الهروب الأولى
🔹 الجزء الأول
في بداية كل هروبٍ، هناك خيطٌ رفيع من الخوف،
لا من الآخر، بل من أنفسنا.
نخاف أن نُرى على حقيقتنا، أن تُكتشف هشاشتنا،
فنختار الطريق الأسهل… الهرب.
نهرب من الاعتراف، من المواجهة،
من احتمال أن نُخذل، أو أن نُكشَف،
فنُغلق الأبواب خلفنا بإحكام، ونسمي ذلك “حكمة”.
لكن الحقيقة أن أول دروس الهروب ليست في الابتعاد،
بل في اكتشاف ما الذي دفعنا إليه أصلاً.
فمن يهرب دون أن يفهم سبب خوفه،
يكرر الهروب بأشكالٍ مختلفة، وبأسماءٍ جديدة،
وكأن الحياة تُعيد له الامتحان حتى ينجح فيه بصدق.
تعلمنا الأيام أن الهروب ليس ضعفًا دائمًا،
بل ردّ فعلٍ غريزيّ لروحٍ لم تتعلم بعد كيف تواجه.
الهارب في بداياته ليس جبانًا،
بل طفلٌ داخله لم يجد من يطمئنه حين ارتجف قلبه أول مرة.
كل هروبٍ هو رسالة مؤجلة من الماضي،
تقول لنا: “هنا جرحٌ لم يُشفى بعد.”
ومتى ما توقّف الإنسان عن تفسير كل انسحابٍ كفشل،
وبدأ يراه كإشارةٍ إلى نقطةٍ تحتاج إلى شفاء،
عندها يبدأ الدرس الحقيقي للهروب:
أنك لا تهرب من العالم… بل من نفسك.
الهروب الأول دائمًا أكثرها وجعًا،
لأنه يحمل داخله لحظة الوعي الأولى بأنك لا تملك السيطرة.
أنك مهما حاولت أن تبتعد عن الألم،
فهو يسكنك لأن مصدره ليس في الخارج.
إنه فيك، في طريقة نظرك، في عمق احتياجك،.
في خوفك من أن تُحبّ بصدق ثم تُترك بلا تفسير.
ولأننا لا نتحمل وجع الفقد،
نختار الهرب على أن نُكسر علنًا،
فنصير مثل من يفرّ من العاصفة…
لكنه لا يدرك أن المطر سيتبعه أينما ذهب.
#الهاربوالمطاردفلسفةالتعلقوالانسحاب
#هانى_الميهى






المزيد
حين يجتمع القلب بالقلب بقلم إيمان يوسف احمد
كيف أتخلص من آلامي بقلم سها مراد
حين يتكلم الغياب بقلم/ عمرو شعيب