الهارب والمطارد– فلسفة التعلّق والانسحاب بقلم الكاتب هانى الميهى
الفصل الرابع عشر: دروس الهروب الأولى
🔹 الجزء الثالث
في دروس الهروب الأولى، تتعلم أن قلبك ليس ساحة تجارب لأحد،
وأن من لا يعرف قيمتك اليوم، لن يكتشفها بعد فوات الأوان.
الهروب ليس أن تبتعد بجسدك فقط،
بل أن تُطفئ صوت الانتظار داخلك،
أن تكفّ عن مراجعة الرسائل القديمة،
أن تتوقف عن المقارنة بين “ما كان” و”ما يجب أن يكون”،
وأن تدرك أن السلام الذي فقدته في العلاقة
لن تجده في البقاء القسريّ داخلها.
الدرس الأصعب أن تُدرك أن البعض لا يعودون،
ليس لأنهم قساة، بل لأنهم لم يفهموا عمق حضورك.
لقد أعطيتهم ما لا يُشترى، فظنّوه متاحًا دائمًا.
الهارب الحقيقيّ لا يهرب من الحبّ،
بل من اختلال الموازين، من وجعٍ يُعاد كل يوم،
من علاقةٍ تُرهق روحه أكثر مما تُنضجها.
في البداية، ستظنّ أنك فقدت شيئًا عظيمًا،
لكنك مع الوقت تدرك أنك فقدت فقط وهمًا جميلًا.
الوهم الذي ظننت أنه حبّ،
والذي اكتشفت لاحقًا أنه احتياجٌ متنكّر في ثوب الحنين.
إنها لحظة الوعي الكبرى حين تنظر إلى الوراء
وترى أنك كنت تطارد خيالًا لا ملامح له.
وهنا، تتوقف، وتبتسم بمرارةٍ نبيلة،
ثم تتابع السير في طريقك،
لأنك فهمت أن الهروب لم يكن نهاية،
بل بداية ميلاد جديد.
الهروب الأوّل هو البوابة إلى نفسك.
تتعلم أن تكون كفايةً لنفسك،
أن تملأ فراغاتك بوجودك لا بوجود الآخرين،
أن تقف في منتصف الليل وتقول:
“لقد عدت إلى نفسي، بعد طول غياب.”
ومن هناك، يبدأ السلام الحقيقي.
#الهاربوالمطاردفلسفةالتعلقوالانسحاب
#هانى_الميهى






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد