الهارب والمطارد – فلسفة التعلّق والانسحاب بقلم الكاتب هانى الميهى
الفصل الثاني عشر: ما لم يُقَل بينهما
🔹 الجزء الثاني
في كل علاقة، هناك “حديث لم يحدث”،
تلك الجلسة التي حلم بها الطرفان،
حين يجلسان وجهًا لوجه، بلا أقنعة ولا دفاعات،
ويُقال فيها كل ما كان يجب أن يُقال منذ البداية.
لكن الحقيقة أن أغلب العلاقات لا تمنحنا هذا الترف،
فالحياة تمضي أسرع من أن تنتظر وضوحًا،
والقلوب أضعف من أن تعود بعد أن ذاقت الوجع.
ما لم يُقَل بينهما أصبح “ظلًّا” يسير خلف كل خطوةٍ منهما.
حين يسمع أحدهما أغنية قديمة،
أو يمرّ من طريقٍ اعتاد أن يراه فيه،
تتردد الكلمات التي لم تُنطق في داخله،
كأنها طيف يهمس: “لو كنت قلتها… ربما تغيّر كل شيء.”
لكننا لا نقول دائمًا ما نريد،
ليس لأننا لا نعرف الكلمات،
بل لأننا نخاف نتائجها.
نخاف أن نخسر ما تبقّى من الصورة الجميلة،
أو أن نُعيد فتح الجرح الذي بالكاد التأم.
ولهذا، يصبح الصمت أحيانًا شكلاً من أشكال الحُب،
ليس لأننا لا نريد أن نتحدث،
بل لأننا نحب بما يكفي لنصمت.
لقد تعلم الهارب أن البوح ليس دائمًا شفاء،
وتعلم المطارد أن الفهم لا يأتي دائمًا من الكلام،
بل من ذلك الإدراك العميق الذي ينشأ في الصمت،
حين تدرك أن الطرف الآخر لم يكن عدوّك،
بل إنكما فقط لم تلتقيا في الوقت المناسب.
ما لم يُقَل بينهما سيظلّ معلّقًا في ذاكرة الكون،
فالكلمات لا تموت، بل تظلّ تنتظر لحظة شجاعةٍ لم تأتِ.
#الهاربوالمطاردفلسفةالتعلقوالانسحاب
#هانى_الميهى






المزيد
شيء يُضاهي التلاقي، ولا شيء يُشبه نظرة الإنسان إلى الإنسان بقلم إيثار الباجوري
الحروب دمار القلوب بقلم مريم الرفاعي
لا يستحق أحد التضحية بقلم سها مراد