مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

الشاعر الصيدلي أسامة أيمن أسعد في حوار خاص لمجلة إيفرست

 

كتبت: سارة الببلاوي

حينما يطمح الإنسان في التربع على عرش القمة؛ فإنه يبحث عن من يساعده، ويأخذ بيده حتى يتمكن من الوصول إليها، وهكذا دائمًا ما يسعى إبن محافظة قنا إلى تحقيقه؛ فلم يكتفي شاعرنا بتفوقه العلمي ووصوله إلى كلية الصيدلة وهي كلية من كليات القمة؛ بل يسعى أيضًا التربع على عرش الشعر المصري أراد كاتبنا الرائع إستكمال مشوار البحث عن القمة؛ فلجأ إلى دار نبض القمة لإصدار ثالث دواوينه؛ فهنا ستجد الإهتمام بالأدب والإبداع والتميز، وذلك من خلال شركة “إيفرست” لدعم المواهب من خلال الدورات التدريبية وكذلك مسابقات القمة المختلفة التي تقدم كل الدعم لكل الكُتاب والشعراء على مدار خمسة أعوام ماضية ومازالت مستمرة قُدمًا في دعمها.

حوارنا هذه المرة مع صاحب تعاقد جديد من تعاقدات دار نبض القمة وهو تعاقد مميز فريد من نوعه مع شاعر كبير سبق ونشر له من الدواوين أثنين وهما “ساعات” في عام ٢٠٢٠ وديوان ثاني تحت عنوان “سما سيما”

*عرف نفسك لقُراء المجلة بشكل أكثر توضيحًا؟

أسامة أيمن أسعد شاعر عامية مصرية، وطالب بكلية الصيدلة جامعة سوهاج.

*متى وكيف اكتشفت ولعك بالشعر تحديدًا؟

اكتشفت ولعي بالشعر منذ سنين طويلة؛ فحب الثقافة والقصص والحكايات تمت زراعته في داخلي منذ نعومة أظفاري ، فلقد كان من فضل الله تعالى علي أن جعل أبي يختار لي أماً مثقفة ذات دراية كبرى باللغة العربية، كيف لا و هي معلمة اللغة العربية التي فطنت الكثير من فنونها وخباياها، فكانت نشأتي ثقافية خصبة خصوصاً أنها تشكلت في إحدى محافظات الصعيد، وهي محافظة قنا ومركز نجع حمادي بالتحديد، من هنا بدأ الولع وبدأت أكتب أشياءً في بداياتي وتصورات وحكايات ، وعندما كبرت لفت نظري وجود الكثير من الأناشيد التي يعرضها التلفاز، فأعجبني الأمر، وبدأت أجاري تلك النصوص قدر استطاعتي، و أنا لا أدري أن النشيد في حد ذاته هو قصيدة شعرية، و مع سؤالي لوالدتي عن هذا الأمر شرحت لي كل شئ بشكل يمكن أن يصل إلى عقلي، و ذلك لأنني كنت مجرد طفل في العاشرة وقتها؛ فتشجعت وكتبت أول قصيدة لي، وبالرغم أنها بالأساس لا يمكن تسميتها قصيدة بالمعنى المعروف، و لكن كانت محاولة جديدة لطفل يريد التجربة؛ فما كان من والدتي إلا أن شجعتني وأعطتني الثقة؛ بل وكسرت بداخلي الرهبة وجعلتني ألقيها على نخبة من زملائها؛ فشجعوني بدورهم؛ فأخذت العزم على أن ألقي شعري في الإذاعة المدرسية، و أكتب أكثر، وأشارك في مسابقات الشعر في المدرسة، وعلى كافة الأصعدة، و ذلك كان تقريباً منذ عام ٢٠٠٩، وحتى اليوم، وأنا بعد أكثر من إحدى عشر عامًا مرت أدين؛ لهذه الشرارة، وأجدها صانعتي الأدبية بعد فضل الله علي .

*متى جاءت إليك فكرة تأليف أول ديوان خاص بك؟

كان ذلك في عام ٢٠٠٩، حينما شجعني بعض المقربين على خوض تجربة النشر؛ فقلت لنفسي ما دمت سأنشر شعري؛ فيجب أن أكون على دراية قصوى بكافة الجوانب، وعليه فقد قمت بتكوين وتأليف ديواني الأول “ساعات” ، و الذي وضعت فيه رؤيتي الخاصة لكثير من الجوانب العاطفية والاجتماعية والحياتية، وأوصلت فيه كل ما أريد أن أقوله، وكما ذكرت في صدر الديوان ، “ساعات” هو مرآتي التي أرى فيها نفسى، ويرى القارئ فيها نفسه، ويتوحد معي وأتوحد معه؛ ليشعر بما أشعر به في قصائدي، ويتفهم كل القضايا التي عالجها الديوان.

*هل كان هناك عوائق تتعارض مع رحلتك في كتابة الديوان الأول لك؟

نعم كان هناك العديد من الصعوبات التي واجهتني، ولعل أهمها أنني لم أجد تقديراً؛ لعملي من كثير من دور النشر التي لم تكلف نفسها أن تنظر للمحتوى، وتقيسه أدبياً؛ لتعلم مدى قوته وضعفه، بل هي تريد أن تكون مجرد مطبعة تطبع لأصحاب التريند والمتابعين والمشهورين دون النظر للمحتوى، و بالرغم من أن قصائد ديواني كانت جيدة بشهادة أساتذة كبار أمثال الشاعر الكبير أحمد بخيت، هذا الشاعر الذي أعطاني دفعة، وكسر اليأس بداخلي؛ فدفعني للمعافرة حتى وصلت إلى نجاح الأمر، وتم نشر ديواني الأول، و حقق نتائجاً أجدها مرضية إلى حد ما بالنسبة لي.
*كم إستغرق الديوان الأول من الوقت في كتابته وإظهاره للقُراء؟

استغرق ستة أشهر تقريباً، وكان بالطبع هناك الكثير من القصائد بداخله موجودة وجاهزة، و لكنني أضفت عليها بعض اللمسات والتعديلات؛ لتكون أكثر تماشياً مع التطور الأدبي الذي حدث لي وقتها .

*لماذا جاء الديوان الأول يحمل إسم “ساعات” ؟

لأن كل قصيدة بداخله تتمثل في كونها ساعة؛ فمثلاً هناك قصيدة في الديوان تتحدث عن الفراق؛ فهذه القصيدة تمثل حالة خذلان وكسر داخلي، وغيرها تتحدث عن السعادة مع شريك الحياة؛ فهي بالطبع ساعة بهجة وبسمة، وهكذا يسير الديوان؛ حتى تكتمل قصائده وساعاته، ويبرز الحياة كساعات متعددة.

*صف حال مسيرتك مع الشعر بعد إصدار ديوانك الأول وقبله؟

بالطبع أخذت التجربة نهجاً جديداً، وبدأت أنظر إلى المسئولية الجديدة التي تقع على العاتق؛ فأنا بعد ديواني الأول لم استمر كأسامة الصبي الذي يحاول أن يجرب، بل أصبحت أسامة الشاعر الذي يحاول أن يؤثر؛ فالتأثير والتركيز على المعاني والإطلاع على التجارب كان أهم ما أصبح يجول بالخاطر بعد إصدار الديوان؛ فلو أردت وصفها كمرحلة يمكنني القول أنها بداية طريق النضج الأدبي الذي ما زلت أحلم أن أصل إلى نهايته حتى اليوم.

*كيف جاءت إليك فكرة تأليف ديوانك الثاني؟
جاءت فكرة ديواني الثاني من انتقال الكثير من التجارب الحياتية الخاصة بي إلى مرحلة العمق؛ فالعمق هو السمة التي ضربت مسارات حياتي المختلفة، عمق المشاعر، وعمق الصدمات، وعمق والمشاكل ، وغيرها من الأشياء التي لبست ثوب العمق؛ فكان لابد أن أقف لأعلق على كل تلك الأحداث بديوان جديد.

*لماذا جاء الديوان الثاني يحمل إسم “سما سيما”

ربما لأن فكرة الديوان بالأساس مبنية على هذه الكلمة، فالقصيدة الأم بالديوان تحمل نفس اسم الديوان، وتنطلق فكرتها من كونها نظرة متفحصة للسماء، وتلك النظرة تفتح مجال الخيال، وتشخص كل العناصر التي تشاهدها العين من نجوم وشهب وسحاب، وجعلها تخدم القوام السردي؛ لموقف عاطفي مررت به، ومن ثم تنطلق كل قصائد ديواني الباقية من هذه النقطة؛ فالقصائد مشاهد تُعرض لأول مرة بشكل حصري على شاشتي السماوية.

 

*ما هي أوجه الشبه والإختلاف بين إصدار الديوان الأول والثاني برأيك؟

لو تحدثت عن أوجه الشبه؛ فيمكنني القول أن الصراحة والشفافية هما السمتان المشتركتان في كلا الكتابين، ويمكن إضافة كونهما عبارة عن تغطية اجتماعية وحياتية جريئة، أما عن أوجه الاختلاف؛ فلا أجد اختلافاً إلا في كون “سما سيما ” هو أكثر نضجاً أدبياً من ” ساعات ” ، ولكن في نهاية المطاف الكل يخدم مرحلة كتابته.

*كيف جاء تعاقدك مع دار “نبض القمة”؟

كنت أتابع كثيراً النشاطات والمسابقات الأدبية التي كان الأستاذ وليد يقوم بها، وأعجبني ذلك النهج الذي يقوم به في كافة الفعاليات، وعندما علمت بأن هناك تأسيس لدار يرأسها الأستاذ وليد، وأنها فتحت مجال استقبال الأعمال الأدبية، عزمت على أن أرسل ديواني الثالث إلى تلك الدار، وذلك لثقتي برؤيتها التي برهنت عليها الفعاليات السابقة قبل التأسيس.

*ما هي مميزات وسلبيات الوسط الأدبي بالنسبة لك؟

ربما أرى أن مميزات الوسط الأدبي تنطلق من كونه وسطاً مبدعاً خلاقاً، وأنه يحمل على عاتقه مسئولية التنوير وبسط الفكر الصحيح والخير ، وأما سلبيات الوسط؛ فتتمثل في كم الضغينة والخلافات التي بين الكيانات الثقافية وبعضها ، والشئ السلبي الثاني هو انتشار الركاكة الأدبية، والاستسهال المتعمد في المحتوى الأدبى؛ لدرجة تصل إلى السخافة في بعض الأحيان، وامتلاء الساحة بكثير من عديمي الإبداع مشهوري وسائل التواصل الاجتماعي.

*ما الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الإجتماعي في حياة الشاعر الكبير الدكتور أسامة؟

وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة لي ليست سوى وسيلة عصرية للوصول للمتلقي، ولكن الإبداع نفسه يجب أن يتم تدعيمه بالقراءة و الإطلاع الكبير على كافة المستويات والأنواع الأدبية؛ فوسائل التواصل الإجتماعي بالنسبة لي مكان أفرض عليه أفكاري، ولكنني أحاول ألا أنجرف في تياراته الغير مفهومة.

*من الداعم الأول لك منذ بدايتك؟

كما قلت في السابق فإن والدتي هي الداعم الأول لي في هذا المسار، وأرى أن تشجيعها بعد فضل الله تعالى هو الدافع الذي جعلني استمر، ومؤخراً أدرك والدي كينونتي الأدبية، و قرر أن ينضم إلي ويدعمني وبقوة، و بالطبع هناك الكثير من الأصدقاء والأقارب والعائلة، والآن أصبح هناك الكثير من المرددين لي في كافة محافظات مصر، وحتى في غالبية الدول العربية.

*إذا كنت مازالت تدرس هل تري تعارض بين التأليف والشعر والدراسة؟

لا أرى أي تعارض بين تأليف الشعر والدراسة؛ فالموهبة تخدم قابليتي للجد والاجتهاد في الدراسة، وأي إنجاز أو تكريم أحصل عليه يكون بمثابة تمييز يميزني به الله، وبالتالي يدفعني ذلك إلى التفكير في كون الدراسة رغم صعوبتها ممكنة، ويكون بمثابة حافز لي؛ فرب العزة واحد، وتفضله علي في كافة مناحي حياتي هو شئ كبير، والربط بين العطاء على كافة الأصعدة يخلق مناخاً إبداعياً في الدراسة والعمل عموماً.

*إلام تطمح في الفترة المقبلة؟

أطمح إلى أن يصل شعري إلى كل الناس بكل المستويات الفكرية والثقافية.

*وجه رسالة للشعراء المبتدئين؟

أقول لهم آمنوا بمواهبكم، ولا تيأسوا مهما حدث؛ فالذي يعطيه الله موهبة الشعر يصبح متفرداً، والمتفرد يكون له الكثير من الأعداء، وهؤلاء الأعداء دليل ملموس على النجاح؛ فلا تلتفتوا للمحبطين، وثقفوا أنفسكم بالقراءة والاستماع إلى الأساتذة الشعراء الكبار، وحاولوا أن يكون لكم بصمة، واغتنموا كافة الفرص المتاحة لكم، حتى تصلوا لأهدافكم الأدبية.

*إذا أُتيحت لك الفرصة بتوجية رسالة إلى أحد الشعراء المميزين؛ فمن يكون وما مضمون هذه الرسالة؟

أوجه رسالتي إلى الشاعر مصطفى إبراهيم ذلك العملاق الأدبي الكبير، والشاعر العبقري المتفرد الذي صنع لنفسه أرضية أدبية وشعرية صلبة ورائعة، أقول له لا تتوقف عن الكتابة والشعر أبداً؛ فجمهورك من داخل الوسط الأدبي وخارجه يريدون منك الجديد دومًا، وذلك لكونك صاحب فلسفة شعرية خاصة قلما تتكرر في هذا الزمن.

*أخيرًا ما رأيك في التعامل مع دار نبض القمة؟

تعامل غاية في الاحترام، وتسهيل كافة الأمور المتعلقة بالنشر، إلى جانب الحماس الكبير ، والعزم على تحقيق الفارق الأدبي المرصود، هي دار واعدة بإدارة حالمة راشدة، و المؤسسة التي تتوفر فيها كل هذه الصفات مؤسسة ناجحة ستواصل النجاح.

وبالنهاية نتوجه للكاتب بالشكر على سعة صدره وترحيبه بإجراء هذا الحوار متمنيين له المزيد من التقدم والرقي.