الرجل الخفي

بقلم الدكتورة إسلام محمد
استشاريه الصحه النفسيه والإرشاد الاسري والزواجي ودكتوراه في التنميه البشريه وتطوير الذات وصاحبه كتابي (البحث عن الذات و كتاب طوظ)

في عالم العلاقات الإنسانية، يظلّ “الراجل الخفي” ظاهرة محيّرة وصعبة الفهم. هو ذلك الرجل الذي يظهر حين يشاء، ويختفي حين يملّ، لا يلتزم بوضوح ولا يعبّر بصدق، يترك أثرًا من الحيرة والارتباك في حياة من ترتبط به. هو موجود في كل مكان ولكن حضوره باهت، كظلّ لا يُمسك ولا يُفهم.

الراجل الخفي هو الشخص الذي يقترب حين يشعر بالوحدة، ويبتعد حين يطمئن أن الطرف الآخر تعلّق به. يعيش على التناقض، يريد الحب ولا يتحمّل مسؤولياته، يريد الاهتمام لكن دون التزام، يحب أن يكون في الصورة دون أن يكون جزءًا واضحًا منها. تراه يرسل رسائل غامضة، ويظهر فجأة بعد غياب طويل وكأن شيئًا لم يكن، متجاهلًا ما سبّبه من وجع أو حيرة.

عيوبه كثيرة، أولها الأنانية؛ فهو لا يرى في العلاقة سوى راحته الخاصة. وثانيها عدم النضج العاطفي، إذ لا يستطيع اتخاذ موقف واضح أو السير في علاقة مستقرة. وثالثها الهروب من المواجهة، فحين تضيق به الأمور يختار الصمت والغياب بدلًا من التفاهم والنقاش.

أما انطباع الناس عنه، فيتراوح بين السخرية والشفقة. البعض يراه رجلًا غير جدير بالثقة، والبعض الآخر يعتبره مجرد طفل كبير يخاف من الارتباط والمسؤولية. لكن في النهاية، يترك في النفوس أثرًا من الخذلان، وكأن وجوده كان مجرد وهم جميل سرعان ما تلاشى.

التعامل مع هذا النوع من الرجال يحتاج إلى وعيٍ وقوةٍ نفسية. فلا ينبغي انتظار من لا يريد البقاء، ولا منح الفرص لمن لا يقدّرها. إذا كان الرجل يختفي حين تحتاجينه، فاعلمي أنه لا يستحقّ وجودك حين يعود. الحب ليس لعبة اختفاء وظهور، بل التزامٌ واستمرارية واحترام للمشاعر.

الراجل الخفي يظنّ أن غيابه يثير الاشتياق، لكنه في الحقيقة يقتل المودّة ويزرع اللامبالاة. ومن يعتاد الغياب، ينسى كيف يكون الحضور.