مجلة ايفرست الادبيةpng
...

مجلة ايفرست

مجلة ايفرست الأدبية

“أين الصواب؟”

كتبت: رغد الشناوي  

وُلدنا أطفالًا لا نفقه شيء، كَبِرنا وتعملنا وترسَّخَت في أذهاننا العديد من المواقِف التي لازِالنا نستمد منها المواعِظ حتى الكِبر، فعندما سارَعت أقدامنا بالسير ونهضنَا فَرحين بمحاولة منّا للوقوف اصطحبنا أيدي الكِبار إلى ذاك ما يُسمّى “كُتَّاب” فيجلس الطفل الصغير بمحاولةٍ منه لاستماع بعضًا من تلك العِبارات التي لا يدري ما هي ولا يستطيع فهمها، وكل ما يراه الآن هو ذاك الرَجُل ذو اللحيَة الذي يَضرب مَن أمامَه ممن لا يتْلو عليه تِلك الآيات.

 

نكبر أكثَر فنرَى في التلفَاز بَعضًا مِن رِجال الدين الذين يصرُخون في الشاشات قائلين “هذا وذاك حَرام” هؤلاء مَن لا يَعرفون سِوى الغلظَة في الحَديث من يرون أنفسهم صائبين حتى وإن كانو على خطأ، وسُرعان ما تأتي آيات الله بعد انتهاء برنامِجه :”ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” فكيف، وأي عَقل بَشري يُفسّر هذا ؟

نكبر أكثَر ونرَى الأخبار المُعرَضة التي لطَالما كانت تتضمن”تفجِيرات للكنَائِس”.

يكبر طفلُنا ويذهب إلى مدرستهِ، كطفل يُريد مَعرفة من حوله ولكِن سُرعان ما تعود الأم لتبعد ابنائِها عنه خوفًا من كونه “مُسلِم” غير مُكترثة لكونه “طفل” !

 

وهَا قد كبِر الطِفل … كَبِر وفهم أن لدِينه مَعاني أسمَى من تِلك التي ترسَّخَت في ذِهنه ونُقشت كالحَجر في خَلَايا عَقل طفل صغير، فَهِم أن ما دينه إلا دين سماحة، كَبِر الطفل وعَرف أن ما هذهِ إلا صُور لنماذِج لاتَمُت للواقِع بِصلةٍ، كبر وعَرِف أنّ”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”

أن الدين الإسَلامي ذاك الذي يدعو للرحمَةِ والتسامح، الذي لم يُكرِه أحدًا على الإعتناق به، فكيف له أن يأمر معتنقيه بتفجِير مَن هُم على دِين آخر ؟”لَكُم دينُكُم ولِيَ دِينِ”

كبر وتذكَر تلك العبارات التي كانت تَتَرَدد على أُذنه لتُزيح عنه ضَجيج العَالم :”قناة المجد، قرآنٌ يُتلى آناء الليل وأطرَاف النهار”

هذا القران الذي يشرح صَدر قارءه، الذي يُلقب حافظه ب”حَامِل كِتاب اللّه”

فواللّه الذي لا إله إلّا هو أن ما هي إلا صوّر تشويهيّة مِن بعض العَبثة ظنًا مِنهم أنهم قد يُصيبوا قلوبنا بفتنة سِهامهم التي لا تصل.